قال المهلب: فيه وضع ما الناس مشتركون فيه من صدقة أو غيرها فى المسجد؛ لأن المسجد لا يُحجب أحد من ذوى الحاجة من دخوله والناس فيه سواء، وكذلك أمور جماعة المسلمين يجب أن تعمل فى المسجد، وليس فى هذا الباب تعليق قنو فى المسجد وأغفله البخارى. وتعليق القنو فى المسجد أمر مشهور، ثم ذكر ابن قتيبة فى غريب الحديث أن نبى الله خرج، فرأى أقناء معلقة فى المسجد، وذكر ثابت فى (غريب الحديث) أن نبى الله أمر من كل حائط بقنو، يعنى للمسجد، معنى ذلك أن ناسًا كانوا يقدمون على رسول الله لا شىء لهم، فقالت الأنصار:(يا رسول الله، لو عجلنا قنوًا من كل حائط لهؤلاء، قال: أجل فافعلوا) ، فجرى ذلك إلى اليوم، فهى الأقناء التى تعلق فى المسجد فيعطاها المساكين، وكان عليها على عهد رسول الله، معاذ بن جبل. قال ابن القاسم: قد سئل مالك عن أقناء تكون فى المسجد وشبه ذلك، فقال: لا بأس بها، وسئل عن الماء الذى يسقى فى المسجد أترى أن يشرب منه قال: نعم إنما يجعل للعطشى، ولم يرد به أهل المسكنة؛ فلا أرى أن يترك شربه، ولم يزل هذا من أمر الناس قال: وقد سقى سعد بن عبادة، فقيل له: فى المسجد؟ قال: لا، ولكن فى منزله الذى كان فيه، وليس ما ذكره ثابت أن الأقناء كانت تجعل فى المسجد للمساكين بخلاف لقول مالك؛ لأن مالكًا إِذْ سئل عن الأقناء لم تكن تجعل حينئذ للمساكين خاصة؛ لأن