والضعف من الكرامة والثواب بالذراع، فجعل ذلك دليلا على مبلغ كرامته لمن أكرم عليه مجاوز حده إلى ما بينه عز وجل. فإن قيل: فما معنى قوله: (إذا ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى؟) قيل: معنى ذلك: وإذا ذكرنى بقلبه مخفيًا ذلك عن خلقى ذكرته برحمتى وثوابى مخفيًا ذلك عن خلقى حتى لا يطلع عليه أحد منهم، وإذا ذكرنى فى ملأ من عبادى، ذكرته فى ملأ من خلقى أكثر منهم وأطيب. قال الطبرى: فإن قيل: أى الذكرين أعظم ثوابًا الذكر الذى هو بالقلب، أو الذكر الذى هو باللسان؟ قيل: قد اختلف السلف فى ذلك، فروى عن عائشة أنها قالت: لأن أذكر الله فى نفسى أحب إلىَّ أن أذكره بلسانى سبعين مرة. وقال آخرون: ذكر الله باللسان أفضل. روى عن أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: ما دام قلب الرجل يذكر الله تعالى فهو فى صلاة، وإن كان فى السوق، وإن تحرك بذلك اللسان والشفتان فهو أعظم. قال الطبرى: والصواب عندى أن إخفاء النوافل أفضل من ظهورها لمن لم يكن إمامًا يقتدى به، وإن كان فى محفل اجتمع أهله لغير ذكر الله أو فى سوق وذلك أنه أسلم له من الرياء، وقد روينا من حديث سعد بن أبى وقاص عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (خير الرزق ما يكفى، وخير الذكر الخفى) ولمن كان بالخلاء أن يذكر الله بقلبه ولسانه؛ لأن شغل جارحتين بما يرضى الله تعالى أفضل من شغل