مؤمن لا ذنب له لتائب، وهذا كله فاسد على أصولهم لاعتقادهم أن الله يستحيل منه تعذيب التائب من كبيرته أو فاعل الصغائر إذا اجتنب الكبائر، أو تأخير ما استحق الذى لا ذنب له من الثواب؛ لأنه لو عذب من ذكرنا وأخر ثواب الآخر ولم يوف التائب والمجتنب للكبائر مع فعله الصغائر ثوابه على أعماله، لكان ذلك خارجًا عن الحكمة وظالمًا، وذلك من صفات المخلوقين. وإذا كان هذا أصلهم، فإثباتهم الشفاعة على هذا الوجه لا معنى له فبطل قولهم ولزمهم الشفاعة على الوجه الذى تقول به أهل السنة والحق، وهذا بين والحمد لله. وذكر الأنبياء (صلى الله عليه وسلم) فى حديث الشفاعة لخطاياهم، فإن الناس اختلفوا هل يجوز وقوع الذنوب منهم؟ فأجمعت الأمة على أنهم معصومون فى الرسالة، وأنه لا تقع منهم الكبائر، واختلفوا فى جواز الصغائر عليهم فأطبقت المعتزلة والخوارج على أنه لا يجوز وقوعها منهم، وزعموا أن الرسل لا يجوز أن تقع منهم ما ينفر الناس عنهم وأنهم معصومون من ذلك. وهذا باطل لقيام الدليل مع التنزيل وحديث الرسول:(أنه ليس كل ذنب كفرًا) . وقولهم: إن البارى تجب عليه عصمة الأنبياء، عليهم السلام، من الذنوب فلا ينفر الناس عنهم بمواقعهم لها هو فاسد بخلاف القرآن له، وذلك أن الله تعالى قد أنزل كتابه وفيه متشابه مع سابق علمه أنه سيكون ذلك سببًا لكفر قوم، فقال تعالى:(فَأَمَّا الَّذِينَ فى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ)[آل عمران: ٧] ، وقال