للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ) [النحل: ١٠١] فكان التبديل الذى هو النسخ سببًا لكفرهم كما كان إنزاله متشابهًا سببًا لكفرهم، وقال أهل السنة: جائز وقوع الصغائر من الأنبياء، واحتجوا بقوله تعالى مخاطبًا لرسوله: (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) [الفتح: ٢] فأضاف إليه الذنب، وقد ذكر الله فى كتابه ذنوب الأنبياء فقال تعالى: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) [طه: ١٢١] ، وقال نوح لربه: (إِنَّ ابُنِى مِنْ أَهْلِى) [هود: ٤٥] ، فسأله أن ينجيه، وقد كان تقدم إليه تعالى فقال: (وَلاَ تُخَاطِبْنِى فِى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) [هود: ٣٧] ، وقال إبراهيم: (وَالَّذِى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدِّينِ) [الشعراء: ٨٢] ، وفى كتاب الله تعالى من ذكر خطايا الأنبياء ما لا خفاء به، وقد تقدم الاحتجاج فى هذه المسألة فى كتاب الدعاء فى باب قول النبى: (أللهم اغفر لى ما تقدم وتأخر) ما لم أذكره هاهنا. فإن قال قائل: ما معنى قول آدم: ولكن ائتوا نوحًا؛ فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. وقد تقدم آدم قبله؟ فالجواب: أن آدم لم يكن رسولا؛ لأن الرسول يقتضى مرسلا إليه فى وقت الإرسال وهو أهبط إلى الأرض وليس فيها أحد. فإن قيل: لما تناسل منه ولده وجب أن يكون رسولا إليهم؟ قيل: إنما أهبط (صلى الله عليه وسلم) إلى الأرض وقد علمه الله أمر دينه وما يلزمه من طاعة ربه فلما حدث ولده بعده حملهم على دينه، وما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>