عليه من شريعة ربه، كما أن الواحد منا إذا ولد له ولد يحمله على سنته وطريقته، ولا يستحق بذلك أن يسمى رسولا، وإنما سمى نوح رسولا؛ لأنه بعث إلى قوم كفار ليدعهم إلى الإيمان. وأما حديث الإصبع فإنه لما لم تصح أن تكون جارحة لما قدمنا من إبطال التجسيم فتأويله ما قال أبو الحسن الأشعرى: من أن هذا وشبهه مما أثبته الرسول لله ووصفه به راجع إلى أنه صفة ذات لا يجوز تحديدها ولا تكييفها. وقال أبو بكر بن فورك: يجوز أن يكون الإصبع خلقًا لله يخلقه يحمله ما حملت الإصبع، ويحتمل أن يكون المراد بالإصبع: إذا أراد الإخبار عن جريان قدرته عليه فذكر معظم المخلوقات، وأخبر عن قدرة الله على جميعها معظمًا لشأن الرب تعالى فى قدرته وسلطانه، فضحك رسول الله كالمتعجب منه أنه يستعظم ذلك فى قدرته، وأنه ليسير فى جنب ما يقدر عليه، ولذلك قرأ عليه قوله تعالى:(وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ)[الأنعام: ٩١] ، أى ليس قدره فى القدرة على ما يخلق على الحد الذى ينتهى إليه الوهم ويحيط به الحد والحصر؛ لأنه تعالى يقدر على إمساك جميع مخلوقاته على غير شىء كما هى اليوم، لقوله تعالى:(رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا)[الرعد: ٢] . وقوله:(لا يغيضها) أى: لا ينقصها. وقال أبو زيد: غاض ثمن السلعة أى: نقص، ومنه قوله تعالى:(وَغِيضَ الْمَاء)[هود: ٤٤] .