بمعنى: قهر وغلب، ثم اختلف من سواهم فى العبارة عن الاستواء. فقال أبو العالية: استوى: ارتفع. وقال مجاهد: استوى: علا. وقال غيرهما: استوى: استقر. فأما قول من جعل الاستواء بمعنى القهر والاستيلاء فقول فاسد؛ لأن الله تعالى لم يزل قاهرًا غالبًا مستوليًا. وقوله تعالى:(ثُمَّ اسْتَوَى (يقتضى استفتاح هذا الوصف واستحقاقه بعد أن لم يكن، كما أن المذكور فى البيت إنما حصل له هذا الوصف بعد أن لم يكن، وتشبيههم أحد الاستواءين بالآخر غير صحيح، ومؤد إلى أنه تعالى كان مغالبًا فى ملكه، وهذا منتف عن الله؛ لأن الله تعالى هو الغالب لجميع خلقه، وأما من قال تأويله: استقر. فقول فاسد أيضًا؛ لأن الاستقرار من صفات الأجسام، وأما قول من قال: تأويله: ارتفع. فنقول مرغوب عنه لما فى ظاهره من إيهام الانتقال من سفل إلى علو، وذلك لا يليق بالله، وأما قول من قال: علا. فهو صحيح وهو مذهب أهل السنة والحق. فإن قيل: ما ألزمته فى ارتفع مثله يلزم فى علا. قيل: الفرق بينهما أن الله وصف نفسه بالعلو بقوله: (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[يونس: ١٨] ، فوصف نفسه بالتعالى والتعالى من صفات الذات، ولم يصف نفسه بالارتفاع. وقال غيره: الاستواء ينصرف فى لسان العرب إلى ثلاثة أوجه: فالوجه الأول: قوله تعالى فى ركوب الأنعام: (ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا