اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ) [الزخرف: ١٣] ، فهذا الاستواء بمعنى الحلول، وهو منتف عن الله تعالى لأن الحلول يدل على التحديد والتناهى، فبطل أن يكون حلاً على العرش لهذا الوجه. والوجه الثانى: الاستواء بمعنى الملك للشىء والقدرة عليه كما قال بعض الأعراب، وسئل عن الاستواء فقال: خضع له ما فى السموات وما فى الأرض، ودان له كل شىء وذل، كما نقول للملك إذا دانت له البلاد بالطاعة: قد استوت له البلاد. والوجه الثالث: الاستواء بمعنى التمام للشىء والفراغ منه كقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ)[الأحقاف: ١٥] ، فالاستواء فى هذا الموضع: التمام، كقوله تعالى:(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)[طه: ٥] ، أراد التمام للخلق كله، وإنما قصد بذكر العرش؛ لأنه أعظم الأشياء، ولا يدل قوله تعالى:(وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء)[هود: ٧] أنه حال عليه، وإنما أخبر عن العرش خاصة أنه على الماء ولم يخبر عن نفسه أنه جعله للحلول، لأن هذا كان يكون حاجة منه إليه، وإنما جعله ليعبد به ملائكته فقال تعالى:(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ)[غافر: ٧] الآية. وكذلك تعبد الخلق بحج بيته الحرام ولم يسمه بيته، بمعنى أنه سكنه وإنما سماه بيته بأنه الخالق له والمالك، وكذلك العرش سماه عرشه؛ لأنه مالكه والله تعالى ليس لأوليته حد ولا منتهى، وقد كان فى أزليته وحده ولا عرش معه سبحانه وتعالى، ثم اختلف أهل السنة: هل الاستواء صفة