ذات أو صفة فعل؟ فمن قال هو بمعنى علا جعله صفة ذات، وأن الله تعالى لم يزل مستويًا بمعنى أنه لم يزل عاليًا. ومن قال: إنه صفة فعل قال: إن الله تعالى فعل فعلاً سماه استواء على عرشه لا أن ذلك الفعل قائم بذاته تعالى لاستحالة قيام الحوادث به. وأما قول بنى تميم للنبى (صلى الله عليه وسلم) : (بشرتنا فأعطنا) فإنما قالوه جريًا على عاداتهم فى أن البشرى إنما كانت تستعمل فى فوائد الدنيا. قال المهلب: وفى حديث عمران أن السؤال عن مبادئ الأشياء والبحث عنها جائز فى الشريعة وجائز للعالم أن يجيب السائل عنها بما انتهى إليه علمه فيها إذا كان تثبيتًا للإيمان وأما إن خشى من السائل إيهام شك أو تقصير فهم، فلا يجيب فيه ولينهه عن ذلك، ويزجره. وقول عمران:(وددت أن ناقتى ذهبت) ، ولم أقم فيه دليل على جواز إضاعة المال فى طلب العلم بل فى مسألة منه. قال غيره: وأما قوله: (يمين الله ملأى) ففيه إثبات اليمين صفة ذات الله تعالى لا صفة فعل، وليست بجارحة لما تقدم قبل هذا. وقوله:(ملأى) ليس حلول المال فيها؛ لأن ذلك من صفات الأجسام وإنما هو إخبار منه (صلى الله عليه وسلم) عن أن ما يقدر عليه من النعم وإرزاق عباده لا غاية له ولا نفاذ، لقيام الديل على تعلق وجوب قدرته بما لا نهاية له من مقدوراته؛ لأنه لو تعلقت قدرته متناهية لكان ذلك نقصًا لا يليق به.