وأما قوله:(فإن حقًا على الله أن يدخله الجنة) ففيه تعلق للمعتزلة والقدرية القائلين بأن واجب عليه الوفاء لعبده الطائع بأجر عمله، وأنه لو أخره عنه فى الآخرة كان ظلمًا له. هذا متقرر عندهم فى العقول، قالوا: وجاءت السنة بتأكيد ما فى العقول من ذلك. وقولهم فاسد، ومذهب أهل السنة أن لله تعالى أن يعذب الطائعين من عباده وينعم على الكافرين، غير أن الله تعالى أخبرنا فى كتابه وعلى لسان رسوله أنه لا يعذب إلا من كفر به، ومن وافاه بكبيرة ممن شاء لله تعذيبه عليها. فمعنى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إن حقًا على الله أن يدخلها الجنة) . ليس على أن معنى ذلك واجب عليه؛ لأن واجبًا يقتضى موجبًا له عليه والله تعالى ليس فوقه آمر ولا ناه يوجب عليه ما يلزمه المطالبة به، وإنما معناه: إنجاز ما وعد به من فعل ما ذكر فى الحديث؛ لأن وعده تعالى عبده على فعل تقدم إعلامه قبل فعله، ووعده خبر ولا يصح منه تعالى إخلاف عبده ما وعده لقيام الدليل على أن الصدق من صفات ذاته، فعبر (صلى الله عليه وسلم) فى هذا المعنى بقوله: (فإن حقا على الله أن يدخله الجنة) بمعنى: أنه يستحيل عليه إخلاف ما وعد عبده على عمله. وأما استئذان الشمس فى السجود، فالاستئذان قول لها، والله على كل شىء قدير، فيمكن أن يخلق الله فيها حياة توجد القول عندها فتقبل الأمر والنهى؛ لأن الله قادر على إحياء الجماد والموت، وأعلم (صلى الله عليه وسلم) أن طلوعها من مغربها شرط من أشراط الساعة.