قال المؤلف: استدل البخارى بقوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)[القيامة: ٢٢، ٢٣] ، وبأحاديث هذا الباب على أن المؤمنين يرون ربهم فى جنات النعيم وهذا باب اختلف الناس فيه، فذهب أهل السنة وجمهور الأمة إلى جواز رؤية الله تعالى فى الآخرة، ومنعت من ذلك الخوارج والمعتزلة وبعض المرجئة واستدلوا على ذلك بأن الرؤية توجب كون المرئى محدثًا وحالا فى مكان فى شبه أخر نقض بعضها مغن عن نقض سائرها وزعموا أن قوله:(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (بمعنى منتظرة. فيقال لهم: هذا جهل بموضع اللغة؛ لأن النظر فى كلام العرب ينقسم أربعة أقسام: يكون بمعنى الانتظار، ويكون بمعنى التفكر والاعتبار، ويكون بمعنى التعطف والرحمة، ويكون بمعنى الرؤية للأبصار؛ فخطأ كونه فى الآية بمعنى الانتظار من وجهين: أحدهما أنه قد عدى إلى مفعوله (بإلى) وهو إذا كان بمعنى الانتظار لا يتعدى بها، وإنما يتعدى بنفسه قال تعالى:(هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ)[الزخرف: ٦٦] فعداه بنفسه لما كان بمعنى ينتظرون. قال الشاعر: فإنكما إن تنظرانى ساعة من الدهر تنفعنى أرى أم جندب بمعنى: تنتظرانى. والوجه الثانى: أن حمله على معنى الانتظار لا يخلو إما أن يراد به منتظرة ربها أو منتظرة ثوابه، وعلى أى الوجهين حُمل فهو خطأ؛ لأن المنتظر لما ينتظره فى تنغيص وتكدير، والله تعالى قد