للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى يبعث إليهم ملكًا ليفتنهم ويختبرهم فى اعتقاد صفات ربهم الذى ليس كمثله شىء فإذا قال لهم الملك: أنا ربكم، رأوا عليه دليل الخلقة التى تشبه المخلوقات فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاءنا عرفناه. أى أنك لست ربنا، فيأتيهم الله فى صورته التى يعرفون أى يظهر إليهم فى ملك لا ينبغى لغيره وعظمة لا تشبه شيئًا من مخلوقاته، فيعرفون أن ذلك الجلال والعظمة لا تكون لغيره، فيقولون: أنت ربنا لا يشبهك شىء. فالصورة يعبر بها عن حقيقة الشئ. وأما قوله: (فيقال: هل بينكم وبينه آية تعرفونها؟ فيقولون: الساق) فهذا يدل والله أعلم أن الله عرف المؤمنين على ألسنة الرسل يوم القيامة أو على ألسنة الملائكة المتلقين لهم بالبشرى أن الله قد جعل علامة تجلبه لكم الساق وعرفهم أنه سيبتلى المكذبين بأن يرسل إليهم من يقول: أنا ربكم. فتنة لهم ويدل على ذلك قوله تعالى: (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الآخِرَةِ) [إبراهيم: ٢٧] ، فى سؤال القبر، وفى هذا الموطن، وقال ابن عباس فى قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ) [القلم: ٤٢] عن شدة الأمر، وروى عن عمر بن الخطاب فى قوله تعالى: (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) [القيامة: ٢٩] أى: أعمال الدنيا بمحاسبة الآخرة. وذلك أمر عظيم، والعرب تقول: قامت الحرب على ساق. إذا كانت شديدة فيظهر الله على الخلائق هذه الشدة التى لا يكون مثلها من مخلوق ليبكت بها الكافرين، وينزع عنهم قدرتهم التى كانوا يدعونها، فيعلمون حينئذ أنه الحق، فيذهبون إلى السجود مع المؤمنين لما يرون من العظمة والشدة فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>