للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومئذ، وكذلك يكون معنى قوله لموسى: (لَن تَرَانِى (فى الدنيا، ولأنه قد ثبت أن نفى الشىء لا يقتضى إحالته؛ بل قد يتناول المستحيل وجوده والجائز وجوده، فلا تعلق لهم بالآيتين مع ما يشهد لصحة الرؤية لله تعالى من الأحاديث الثابتة التى تلقاها المسلمون بالقبول من عصر الصحابة والتابعين، رضى الله عنهم أجمعين إلى حدوث المارقين المنكرين للرؤية. وأما وصفه (صلى الله عليه وسلم) لله تعالى بالإتيان بقوله: (فيأتيهم الله) . فليس على معنى الإتيان المعهود فيما بيننا الذى هو انتقال وحركة؛ لاستحالة وصفه بما توصف به الأجسام، فوجب حمله على أنه يفعل فعلا يسميه إتيانًا وصف تعالى به نفسه، ويحتمل أن يكون الإتيان المعهود فيما بيننا خلقه تعالى لغيره من ملائكة فأضافه إلى نفسه كما يقول القائل: قطع الأمير اللص، وهو لم يل ذلك بنفسه إنما أمر به. وأما وصفه تعالى بالصورة فى قوله: فيأتيهم الله فى صورته. ففيه إيهام للمجسمة أنه تعالى ذو صورة، ولا حجة لهم فيه؛ لأن الصورة هاهنا يحتمل أن تكون بمعنى العلامة وضعها الله تعالى دليلا لهم على معرفته والتفرقة بينه وبين مخلوقاته، فسمى الدليل والعلامة صورة مجازًا كما تقول العرب: صورة حديثك كيت وكيت، وصورة أمرك كذا وكذا، والحديث والأمر لا صورة لهما، وإنما يريدون حقيقة حديثك وأمرك كذا وكذا. قال المهلب: وأما قوله: (فإذا رأينا ربنا عرفناه) فإنما ذلك أن الله

<<  <  ج: ص:  >  >>