للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ) [القلم: ٤٢] حجة لمن خالفنا؛ لأنهم إنما يدعون إلى السجود تبكيتًا لهم؛ إذ أدخلوا أنفسهم بزعمهم فى جملة المؤمنين الساجدين فى الدنيا وعلم الله منهم الرياء فى سجودهم، فدعوا فى الآخرة إلى السجود كما دعى المؤمنون المحقون؛ فتعذر السجود عليهم وعادت ظهورهم طبقًا واحدًا، وأظهر الله عليهم نفاقهم؛ فأخزاهم وأوقع الحجة عليهم، فلا حجة فى هذه الآية لهم، ومثل هذا من التبكيت قوله تعالى للكفار: (ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ) [الحديد: ١٣] ، وليس فى هذا شىء من تكليف ما لا يطاق، وإنما هو خزى وتوبيخ. ومثله قوله (صلى الله عليه وسلم) : (من كذب فى حلمه كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين وليس بعاقدهما) فهذه عقوبة وليس من تكليف ما لا يطاق. وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) : (فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون) ففيه حجة لأهل السنة فى إثباتهم الشفاعة، وقد تقدم. وقوله: (فأستأذن على ربى فى داره) فداره جنته، ولا تعلق فيه للمجسمة أنه تعالى فى مكان؛ لأن قوله: (فى داره) يحتمل أن تكون هذه الإضافة لله إضافة إلى نفسه تعالى من أفعاله، ويحتمل أن يكون قوله فى داره. راجعًا إلى النبى تأويله: فأستأذن على ربى وأنا فى داره. فالظرف والمكان هاهنا للنبى (صلى الله عليه وسلم) لا لله تعالى لقيام الدليل على استحالة حلوله فى المواضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>