للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

/ ٧٤ - وفيه: أَنَس، قَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (لَيُصِيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا عُقُوبَةً، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، يُقَالُ لَهُمُ: الْجَهَنَّمِيُّونَ) . قال المؤلف: الرحمة تنقسم قسمين: تكون صفة ذات لله، وتكون صفة فعل، فصفة الذات مرجوع بها إلى إرادته تعالى إثابة الطائعين من عباده، وقوله تعالى: (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف: ٥٦] ، يحتمل الرحمة هاهنا أن تكون صفة ذات ترجع إلى إرادته إثابة المحسنين كما قلنا وإرادته صفة ذاته. ومثله قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إنما يرحم الله من عباده الرحماء) معناه إنما يريد إثابة الرحماء لعباده من خلقه، ويحتمل أن تكون صفة فعل فيكون المعنى أن نعمة الله على عباده ورزقه لهم ونزول المطر وشبهه قريب من المحسنين، فسمى ذلك رحمة لهم لكونه بقدرته وعن إرادته مجازًا واتساعًا؛ لأن من عادة العرب تسمية الشىء باسم سببه وما يتعلق به ضربًا من التعلق، وعلى هذا المعنى سمى الله الجنة رحمةً فقال: (أنت رحمتى) فسماها مع كونها فعلاً من أفعاله رحمةً؛ إذ كانت حادثةً بقدرته وإرادته تنعيم الطائعين من عباده. قال المهلب: وأما اختصام الجنة والنار فيجوز أن يكون حقيقةً، ويجوز أن يكون مجازًا، فكونه حقيقةً يخلق الله فيهما حياةً وفهمًا وكلامًا لقيام الدليل على كونه تعالى قادرًا على ذلك، وكونه مجازًا واتساعًا فهو على ما تقوله العرب من نسبة الأفعال إلى ما لا يجوز وقوعها منه فى تلك الحال كقولهم: امتلأ الحوض وقال قطنى. والحوض لا يقول، وإنما ذلك عبارة عن امتلائه، وأنه لو

<<  <  ج: ص:  >  >>