كان ممن يقول لقال ذلك، وقولهم: قالت الضفدع، وعلى هذين التأويلين يحمل قوله تعالى:(وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)[ق: ٣٠] ، واختصام الجنة والنار هو افتخار بعضهما على بعض بمن يسكنهما، فالنار تتكبر بمن يلقى فيها من المتكبرين وتظن أنها آثر بذلك عند الله من الجنّة وسقط قول النار من هذا الحديث فى جميع النسخ، وهو محفوظ فى الحديث:(وقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين) رواه ابن وهب، عن مالك، عن أبى الزناد، عن الأعرج، عن أبى هريرة من رواية الدارقطنى، وتظن الجنة ضد ذلك لقولها:(ما لى لا يدخلنى إلا ضعفاء الناس وسقطهم) فكأنها أشفقت من إيضاع المنزلة عند الرب تعالى. فحكم تعالى للجنة بأنها رحمته لا يسكنها إلا الرحماء من عباده، وحكم للنار بأنها عذابه يصيب بها من يشاء من المتكبرين، وأنه ليس لإحديهما فضل من طريق من يسكنها الله تعالى من خلقه، إذ هما اللتان للرحمة والعذاب، ولكن قد قضى لهما بالملء من خلقه. وقوله:(وينشىء للنار خلقًا) يريد من قد شاء أن يلقى فيها ممن قد سبق له الشقاء ممن عصاه وكفر به، قاله المهلب. وقال غيره: ينشىء الله لها خلقًا لم يكن فى الدنيا، قال: وفيه حجة لأهل السنة فى قولهم إن لله أن يعذب من لم يكن يكلفه عبادته فى الدنيا ولا يخرجه إليها لقوله: (وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاء)[إبراهيم: ٢٧] بخلاف