وأنه خالق لأعمالهم: طاعة كانت أو معصية، وأما تعلقهم بقوله تعالى:(يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)[البقرة: ١٨٥] فى أنه لا يرد المعصية فليس على العموم؛ وإنما هو خاص فيمن ذكر، ولم يكلفه ما لا يطيق. مثل هذا للمؤمنين المفترض عليهم الصيام، ومن هداه الله إلى دينه فقد يسره وأراد به اليسر، فكان المعنى: يريد الله بكم اليسر الذى هو التخيير بين صومكم فى السفر، وإفطاركم فيه بشرط قضاء ما أفطرتموه من أيام أخر، ولا يريد بكم العسر، الذى هو إلزامكم الصوم فى السفر على كل حال؛ فبان من نفس الآية أن الله رفع هذا العسر عنا ولم يرد وقوعه بنا، إذ لم يلزمنا الصيام فى السفر على كل حال، ورحمةً منه ورأفةً بنا؛ فسقط تعلقهم بالآية، وكذلك تأويل قوله تعالى:(وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ)[الزمر: ٧] هو على الخصوص فى المؤمنين الذين أراد منهم الإيمان، فكان ما أراده من ذلك، ولم يرد منهم الكفر فلم يكن، فلا تعلق لهم فى هذه الآية أيضًا. فإن قيل: قد تقدم من قولكم أن الله تعالى خالق لأعمال العباد، فما وجه إضافة فتى موسى نسيان الحوت إلى نفسه مرةً، وإلى الشيطان أخرى. فالجواب: أن فتى موسى نبى وخادم نبى، وقد تقدم من قول موسى أن أفعاله مخلوقة لله تعالى:(إِنْ هِىَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِى مَن تَشَاء)[الأعراف: ١٥٥] ، فثبت أن إضافة النسيان إلى نفسه لأجل قيامه به، لا أنه مخترع له، والعرب تضيف الفعل إلى