ومعنى قوله تعالى:(يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللَّهِ)[الفتح: ١٥] ، هو أن المنافقين تخلفوا عن الخروج مع النبى (صلى الله عليه وسلم) إلى غزوة تبوك، واعتذروا فأعلم الله إفكهم فيه، فأمر الله رسوله أن يقرأ عليهم قوله تعالى:(فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِىَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِىَ عَدُوًّا)[التوبة: ٨٣] فأعلمهم بذلك وقطع أطماعهم من الخروج معه. فلما رأوا الفتوحات قد تهيأت للنبى (صلى الله عليه وسلم) أرادوا الخروج معه رغبة منهم فى المغانم، فأنزل الله على:(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللَّهِ)[الفتح: ١٥] ، أى أمره لرسوله بأن لا يخرجوا معه بأن يخرجوا معه. فقطع الله أطماعهم من ذلك مدة أيامه (صلى الله عليه وسلم) ؛ لقوله:(لَّن تَخْرُجُوا مَعِىَ أَبَدًا)[التوبة: ٨٣] ، ثم قال آمرًا لرسوله (صلى الله عليه وسلم) : (قل للمخلفين من الأعراب (يعنى: المريدين تبديل كلام الله: (سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ)[الفتح: ١٦] ، يعنى توليتم عن إجابته (صلى الله عليه وسلم) حين دعاهم إلى الخروج معه فى سورة براءة) يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [الفتح: ١٦] ، والداعى لهم غيره (صلى الله عليه وسلم) ممن يقوم بأمره من خلفائه، فقيل: الداعى لهم بعده أبو بكر دعاهم لقتال أهل الردة، وقيل: الداعى عمر، دعاهم لقتال المشركين. وسائر الأحاديث فيها إثبات كلامه، وقد مر القول على أنه صفة قائمة به لا يصح مفارقتها له، وأنه لم يزل متكلمًا، ولا يزال كذلك.