وإن أبطأت حينًا وتراخت وقتًا لإنفاذ ما حتم به، على من سبق عليه إنفاذ الوعيد تحلة القسم؛ لأنه قد كان له أن يعذب واحد أبدًا كإبليس، فهو عند ظن عبده، وإن عاقبه برهة فإن كان ظنه به ألا يعذبه برهة، ولا تحلة فإنه كذلك يجده كما ظن إن شاء الله فهو أهل التقوى وأهل المغفرة. وأما حديث الذى لم يعمل خيرًا قط، ففيه دليل على أن الإنسان لا يدخل الجنة بعمله ما لم يتغمده الله برحمته كما قال (صلى الله عليه وسلم) . وفيه أن الإنسان يدخل الجنة بحسن نيته فى وصيته لقوله: خشيتك يا رب. وفيه أن من جهل بعض الصفات فليس بكافر خلافًا لبعض المتكلمين؛ لأن الجهل بها هو العلم؛ إذ لا تبلغ كنه صفاته تعالى، فالجاهل بها هو المؤمن حقيقة ولهذا قال بعض السلف: عليكم بدين العذارى، أفترى العذارى يعلمن حقيقة صفات الله تعالى. وللأشعرى فى تأويل هذا الحديث قولان: كان قوله الأول: من جهل القدرة أو صفة من صفات الله تعالى فليس بمؤمن. وقوله فى هذا الحديث:(لئن قدر الله على) لا يرجع إلى القدرة وإنما يرجع إلى معنى التقدير الذى هو بمعنى التضييق كما قال تعالى فى قصة يونس: (فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ)[الأنبياء: ٨٧] ، أى لن نضيق عليه، ثم رجع عن هذا القول وقال: لا يخرج المؤمن من الإيمان بجهله بصفة من صفات الله تعالى قدرة كانت أو سائر صفات ذاته تعالى إذا لم يعتقد فى ذلك اعتقادًا يقطع أنه الصواب