بِهَا (نَزَلَتْ وَالنَّبِيّ - عليه السلام - مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ، وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ (أَىْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ) وَلا تُخَافِتْ بِهَا (عَنْ أَصْحَابِكَ فَلا تُسْمِعُهُمْ) وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا) [الإسراء: ١١٠] . / ١٤٤ - وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبِيّ - عليه السلام -: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ) . وَزَادَ غَيْرُهُ:(يَجْهَرُ بِهِ) . معنى هذا الباب إثبات العلم لله تعالى صفة بذاتية؛ لاستواء علمه من القول والجهر، وقد بينه تعالى فى آية أخرى، فقال:(سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ)[الرعد: ١٠] ، وفيه دليل أن اكتساب العباد من القول والفعل خلق لله تعالى ألا ترى قوله:(وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[الملك: ١٣] ، ثم قال عقيب ذلك:(أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)[الملك: ١٤] ، فدل أنه ممتدح بكونه عالمًا بما أسروه من قولهم وجهروا به، وأنه خالق لذلك منهم. فإن قال قائل من القدرية الذين يزعمون أن أفعال العباد ليست خلقًا لله تعالى: قوله: (أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ (غير راجع بالخلق إلى القول، وإنما هو راجع إلى القائلين، فليس فى الآية بدليل لكم على كونه تعالى خالقًا لقول القائلين. قيل له: هذا تأويل فاسد؛ لأن الله تعالى أخرج هذا الكلام مخرج التمدح