للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ) [التوبة: ١٠٥] ، يعنى: تلاوتهم وجميع أعمالهم، ومعنى قوله: (بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [المائدة: ٦٧] ، يريد بلغه جهارًا وعلانيةً، فإن لم تفعل فما بلغت كل التبليغ. وقول عائشة: (إذا أعجبك حسن عمل امرئ) : تلاوته من عمله. وقوله: (ولا يستخفنك أحد) أى لا يستخفنك بعمله، فتظن به الخير، لكن حتى تراه عاملا على ما شرع الله، ورسوله على ما سن، والمؤمنون على ما عملوا. وقول معمر فى قوله تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ (ففسر ذلك بهذا وذلك مما يخبر به عن الغائب، وهذا إشارة إلى الحاضر، والكتاب حاضر، ومعنى ذلك أنه لما ابتدأ جبريل بتلاوة القرآن لمحمد، عليهما السلام، كفت حضرة التلاوة عن أن يقول هذا الذى يسمع، هو ذلك الكتاب لا ريب فيه، فاستغنى بأحد الضميرين عن الآخر. وقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [يونس: ٢٢] فلما جاز أن يخبر عنهم بضميرين مختلفين، ضمير المخاطبة والحضرة، وضمير الخبر عن الغيبة، فلذلك أخبر بضمير الغائب بقوله: (ذَلِكَ (، وهو يريد هذا الحاضر، وهذا مذهب مشهور للعرب، سمته أصحاب المعانى: الالتفاف، وهو انصراف المتكلم عن معنى يكون فيه إلى معنى آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>