الصلاة فى آخر وقتها مرة ثانية، وهو الوقت الذى أخرها إليه عمر بن عبد العزيز لو صح حديث الوقتين إذ كان من حق عمر أن يقول لعروة: لا معنى لإنكارك على تأخير الصلاة إلى وقت إقامة جبريل للنبى عليه السلام، وأمَّ به فيه، فاحتجاج عروة على عمر بن عبد العزيز، واحتجاج أبى مسعود على المغيرة يدل أن صلاة جبريل بالرسول كانت فى وقت واحد فى يوم واحد، ولو صلى به فى يومين لما صح الاحتجاج لعروة ولا لأبى مسعود بهذا الحديث. فإن قيل: فقد قال عليه السلام، للذى سأله عن وقت الصبح:(ما بين هذين وقت) فأحاله على وقت تجوز فيه الصلاة، فصح حديث الوقتين. فالجواب: أن أبا محمد الأصيلى قال: لا يجوز لنا أن نقول: قال رسول الله إلا فيما صح طريقه، وثبتت عدالة ناقليه، فنقول: إن جبريل صلى بالرسول فى أول الوقت بحديث بشير بن أبى مسعود لصحته ولا نقول: إن جبريل صلى به فى آخر الوقت إلا بسند صحيح لقوله (صلى الله عليه وسلم) : (من تَقَوَّل على ما لم أقل، فليتبوأ مقعده من النار) . قال غيره: وإنما قال الرسول للذى سأله عن صلاة الصبح: (ما بين هذين وقت) على طريق التعليم للأعرابى أن الصلاة تجوز فى آخر الوقت لمن نسى أو كان له عذر، إذ خشى منه عليه السلام، أن يظن أن الصلاة فى آخر الوقت لا تجزئ، ولو كان جبريل قد صلى به فى أول الوقت وآخره وأعلمه أنهما فى الفضل سواء، لما التزم عليه السلام الصلاة فى أول الوقت، ولَصَلَّى مرةً فى أول الوقت، ومرة فى آخره، وأعلم به الناس أنهم مخيرون بين ذلك، فدل لزومه الصلاة