للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى أول الوقت دَهْرَهُ كُلَّهُ، أنه الوقت الذى أقامه له جبريل وأن قوله: (ما بين هذين وقت) ، على طريق التعليم لأهل العذر وأشباههم، ودل أن الوقت الفاضل أول الوقت، وقد قال يحيى: إن الرجل ليصلى الصلاة وما فاتته، ولما فاته من وقتها أعظم من أهله وماله، فصح ما قلناه والحمد لله. وقوله: (والشمس فى حجرتها قبل أن تظهر) ، إن قال قائل: ما معنى قولها: (قبل أن تظهر) والشمس ظاهرة على كل شىء من أول طلوعها إلى غروبها. فالجواب: أنها أرادت الفىء فى حجرتها قبل أن تعلو على البيوت، فَكَنَّتْ بالشمس عن الفىء؛ لأن الفىء عن الشمس يكون، كما يسمى العرب النبت ندى؛ لأنه بالمطر يكون، وتسمى المطر سماء؛ لأنه من السماء ينزل، وقد جاء هذا المعنى بينًا فى بعض طرق الحديث، روى الليث، وابن عيينة، عن الزهرى، عن عروة، عن عائشة: (أن رسول الله كان يصلى العصر والشمس فى حجرتها لم تظهر الفىء) ، اللفظ لابن عيينة، ومعلوم أن الفىء أبدًا ملازم لأثر الشمس، فإذا لم يظهر الفىء من الحجرة فلا شك أن الشمس فى قاعة الحجرة، وقد روى هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة: (والشمس لم تخرج من حجرتها) ، وروى أبو أسامة، عن هشام: (من قعر حجرتها) ، والشمس لا تكون إلا فى قاعة الحجرة الصغيرة، يعنى قبل أن تعلو على الجُدُرِ ويرتفع ظلها عن قاعة الحجرة، وكل شىء علا فقد ظهر، قال الله تعالى: (فما اسطاعوا أن يظهروه) [الكهف: ٩٧] ، يريد يعلونه، والحجرة يومئذ كانت ضيقة والشمس

<<  <  ج: ص:  >  >>