للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الالتفات فى الصلاة مكروه عند العلماء، وذلك أنه إذا أوما ببصره وثنى عنقه يمينًا وشمالاً ترك الإقبال على صلاته، ومن فعل ذلك فقد فارق الخشوع المأمور به فى الصلاة، ولذلك جعله النبى اختلاسًا للشيطان من الصلاة، وأما إذا التفت لأمرٍ يَعِنُّ له من أمر الصلاة أو غيرها فمباح له ذلك وليس من الشيطان، والله أعلم. وقال المهلب: قوله: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) ، هو حض على إحضار المصلى ذهنه ونيته لمناجاة ربه، ولا يشتغل بأمر دنياه، وذلك أن العبد لا يستطيع أن يخلص صلاته من الفكر فى أمور دنياه؛ لأن الرسول قد أخبر أن الشيطان يأتى إليه فى صلاته، فيقول له: اذكر كذا اذكر كذا؛ لأن موكل به فى ذلك، وقد قال عليه السلام: (من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له) ، وهذا لمغالبته الإنسان، فمن جاهد شيطانه ونفسه وجبت له الجنة، وقد نظر عليه السلام، إلى أعلام الخميصة وقال: (إنها شغلتنى) ، فهذا مما لا يستطاع على دفعه فى الأعم، وقد اختلف السلف فى ذلك فممن كان لا يلتفت فى الصلاة أبو بكر وعمر، وقال ابن مسعود: إن الله لا يزال مقبلاً على العبد ما دام فى صلاته ما لم يحدث أو يلتفت. ونهى عنه أبو الدرداء، وأبو هريرة، وقال عمرو بن دينار: رأيت ابن الزبير يصلى فى الحجر، فجاءه حجر قدامه فذهب بطرف ثوبه، فما التفت. وقال ابن أبى مليكة: إن ابن الزبير كان يصلى بالناس، فدخل سيل فى المسجد فما أنكر الناس من صلاته شيئًا حتى فرغ منها. وقال الحكم: من تأمل من يمينه أو شماله فى الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>