للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للمسيءِ في صلاتِه: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» (١)، وإذا كانَتِ الحقيقةُ هي المرادَ نفيُها فلا يَحتاجُ نفيَها إلى إضمارِ شيءٍ، فلا إجمالَ.

(وَيَقْتَضِي ذَلِكَ) أي: يَقتضي عدمُ الإجمالِ (نَفْيَ الصِّحَّةِ) في عُرفِ الشَّارِعِ، وهو عامٌّ على الصَّحيحِ أي: لا عَمَلَ شرعيٌّ، وإن لم يَثبُتْ عُرفُ الشَّارِعِ فعُرفُ اللُّغةِ نفيُ الفائدةِ، نحوُ: لا علمَ إلَّا ما نَفَعَ، ولو قُدِّرَ عدمُ اللُّغةِ وأنَّه لا بُدَّ مِن إضمارٍ، فنفيُ الصِّحَّةِ أَوْلى مِن نفيِ الكمالِ؛ لأنَّ نفيَ الصِّحَّةِ يَصيرُ كالعَدمِ، فهو أقربُ إلى نفيِ الحقيقةِ المُتعذِّرةِ، وليسَ هذا إثباتًا للُّغةِ بالتَّرجيحِ، بل إثباتًا لأولويَّةِ أحدِ المجازاتِ، كالصِّحَّةِ والكمالِ والإجزاءِ بعُرفِ استعمالِه، وإذا اقتضى عدمُ الإجمالِ في الحديثِ نفيَ الصِّحَّةِ فهو عامٌّ على الصَّحيحِ.

(وَعُمُومُهُ مِنَ الإِضْمَارِ) أي: مبنيٌّ على دَلالةِ الاقتضاءِ والإضمارِ، وتَقَدَّمَ في أثناءِ العامِّ أنَّها عامَّةٌ على الصَّحيحِ.

(وَمِثْلُهُ (٢) أي: مِثلُ الحديثِ السَّابقِ قولُه -صلى الله عليه وسلم-: («إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (٣)، لا عملَ إلَّا بنيَّةٍ، فهو مِن هذا البابِ، و «الأعمالُ» مبتدأٌ خَبَرُه محذوفٌ، وتقديرُه: صحيحةٌ أو كاملةٌ، والأظهرُ إضمارُ الصِّحَّةِ؛ لأنَّه أَوْلَى المجازاتِ، لكونِه أقربَ إلى نفيِ الحقيقةِ لانتفاءِ فائدةِ الفعلِ وجدواه.

(وَمَا اسْتُعْمِلَ) مِن اللَّفظِ (لِمَعْنًى) واحدٍ (تَارَةً، وَ) استُعمِلَ (لِ) ـمعنيينِ


(١) رواه البخاري (٧٥٧)، ومسلم (٣٩٧) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) في «مختصر التحرير» (ص ١٧٢): ومثلها.
(٣) رواه البخاري (١) من حديث عمر -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>