للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعلَمْ أنَّ هذه المسألةَ غيرُ المسألةِ الَّتي قَبْلَها؛ لأنَّ الأُولى في تبيينِ الأقوى بالأضعفِ من جهةِ الدَّلالةِ، وهذه في مساواةِ البيانِ للمُبَيَّنِ في الحُكْمِ وعدمِه، وهي مُمَثَّلَةٌ في تبيينِ القرآنِ لخبَرِ الواحدِ، وذلك أضعفُ في الرُّتبةِ لا في الدَّلالةِ، ولا يَلزَمُ مِن ضعفِ الرُّتبةِ ضعفُ الدَّلالةِ؛ لجوازِ أنْ يَكُونَ الأضعفُ رُتبةً أقوى دَلالةً، كتخصيصِ عمومِ القرآنِ لخبَرِ الواحدِ؛ لأنَّه أخصُّ، فيَكُونُ أدلَّ، فحاصلُ هذا أنَّ الضَّعفَ إنْ كانَ في الدَّلالةِ لم يَجُزْ تَبيينُ القويِّ بالضَّعيفِ؛ لِما سَبَقَ، وإنْ كانَ في الرُّتبةِ: جازَ إذا كانَ أقوى دَلالةً، وهذا البحثُ للطُّوفِيِّ في «شرحه» (١) على مختصرِه، وهو في قُوَّةِ الرُّتبةِ وضعفِها، والمسألةُ الأُولى في قوَّةِ الدَّلالةِ وضعفِها، وقوَّةُ الرُّتبةِ وضعفُها قد يَكُونُ موجودًا لكنَّ دَلالتَها قويَّةٌ وقد بَيَّنَ ذلك، لكنَّ مسألةَ صاحبِ «التَّمهيد» إِنَّمَا هي في الحُكمِ، فلْيُعلَمْ ذلك.

(وَلَا يُؤَخَّرُ) البيانُ (عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ) على الرَّاجحِ إلَّا على تكليفِ المُحالِ، فمَن أجازَ تكليفَ المُحالِ أجازَ تأخيرَ البيانِ عن وقتِ الحاجةِ، ومَن مَنَعَه مَنَعَه.

وصورتُه أنْ يَقُولَ: «آتُوا الزَّكَاةَ عِنْدَ رَأْسِ الحَوْلِ» ثمَّ لا يُبَيِّنُ لهم عندَ رأسِ الحولِ كم يُؤَدُّون، ولا لمن يُؤَدُّون، ونحوَ ذلك؛ لأنَّه تكليفُ ما لا يُطاقُ ولم يَقَعْ.

(وَ) أمَّا تأخيرُ البيانِ (لِمَصْلَحَةٍ) فـ (هُوَ البَيَانُ الوَاجِبُ أَوِ (٢) المُسْتَحَبُّ؛ كَتَأْخِيرِهِ) -صلى الله عليه وسلم- البيانَ للأعرابيِّ (المُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ إِلَى ثَالِثِ مَرَّةٍ)،


(١) «شرح مختصر الروضة» (٢/ ٦٨٦).
(٢) في «ع»: و.

<<  <   >  >>