للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَلَهَا المَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» (١) أوَّلَتْه الحنفيَّةُ: (عَلَى الصَّغِيرَةِ وَالأَمَةِ وَالمُكَاتَبَةِ)، ووجهُ بُعدِه أنَّ الصَّغيرةَ لَيسَتْ بامرأةٍ في لسانِ العربِ، فحَمْلُه على الصَّغيرةِ والأَمَةِ والمُكاتَبَةِ باطلٌ؛ لمصيرِه إليه غالبًا لاعتِراضِ الوليِّ إنْ تَزَوَّجَتْ بغيرِ كفؤٍ؛ لأنَّها مالكةٌ بُضْعَها، فكانَ كبيعِ مَالِها، فالصَّغيرةُ لا تُسَمَّى امرأةً، ونكاحُها موقوفٌ عندَهم، وقولُه -صلى الله عليه وسلم-: «فَلَهَا المَهْرُ» إِنَّمَا مهرُ الأَمَةِ للسَّيِّدِ والمُكاتَبةُ نادرةٌ، فأبطلوا ظهورَ قصدِ التَّعميمِ لظهورِ «أيّ» مُؤكَّدَةً (٢) بـ: «ما» وتكريرِ لفظِ البُطلانِ على الرِّوايةِ الثَّانيةِ، وحَمْلُه على نادرٍ بعيدٍ كاللُّغزِ، وليسَ مثلُ هذا مِن كلامِ العربِ، ولا يَجُوزُ ولا يَصِحُّ الاستثناءُ بحيثُ لا يَبقى إلَّا النَّادرُ معَ إمكانِ قصدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَنْعَ (٣) استقلالِ المرأةِ فيما يَلِيقُ بمحاسنِ العباداتِ، وهو النِّكاحُ.

(وَ) أقربُ مِن هذا التَّأويلِ -معَ بُعدِه- تأويلُهم قولَه -صلى الله عليه وسلم-: («لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ» (٤) عَلَى) صَوْمِ (القَضَاءِ وَالنَّذْرِ


(١) رواه أبو داود (٢٠٨٣)، والترمذي (١١٠٢)، والنسائي في «الكبرى» (٥٣٧٣)، وابن ماجه (١٨٧٩)، وابن حبان (٤٠٧٤) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
وقال الترمذي: حديث حسن.
(٢) في «د»: مؤكد.
(٣) في «د»: مع.
(٤) رواه أبو داود (٢٤٥٤)، والترمذي (٧٣٠)، والنسائي (٢٣٣١) واللفظ له، وابن ماجه (١٧٠٠)، وابن خزيمة (١٩٣٣) من حديث حفصة -رضي الله عنها-.
قال الترمذي: «حديث حفصة حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه»، وقد روي عن نافع، عن ابن عمر قوله، وهو أصح.
ونقل عن البخاري في «العلل» (٢٠٢) أنه قال: هو حديث فيه اضطراب، والصحيح عن ابن عمر موقوف.
وقال النسائي في «الكبرى» (٢٦٦١): والصواب عندنا موقوف، ولم يَصِح رفعه، والله أعلم.

<<  <   >  >>