للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المُطْلَقِ)، فجَعَلوه كاللُّغزِ -أي: في حَمْلِهم العامَّ على صورةٍ نادرةٍ- وادَّعَوْا صِحَّةَ الصَّومِ بنِيَّةٍ مِنَ النَّهارِ، فإنْ ثَبَتَ ما ادَّعَوْه مِن الحُكْمِ بدليلٍ، فلْيُطلَبْ لهذا الحديثِ تأويلٌ قريبٌ عن هذا مِثلُ نفيِ الكمالِ.

(وَ) مِن تأويلِهم أيضًا قولُه -صلى الله عليه وسلم-: («ذَكَاةُ الجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» (١) فيَروُونَ (٢) الحديثَ بنصبِ «ذَكَاةَ أُمِّهِ»، ويَحمِلُونَه (عَلَى التَّشْبِيهِ) ويُوجِبون ذكاةَ الجَنينِ كذكاةِ أُمِّه، وقالَ الجمهورُ: المحفوظُ الرَّفعُ، ووهَّموا روايةَ النَّصبِ، إمَّا لأنَّ «ذكاة» الأُولى خبَرٌ مُقدَّمٌ، و «ذكاة» الثَّاني هو المبتدأُ (٣)؛ أي: ذكاةُ أمِّ الجنينِ ذكاةٌ له، وإلَّا لم يَكُنْ للجنينِ مَزِيَّةٌ، وحقيقةُ الجنينِ: ما كانَ في البطنِ، فعُلِمَ أنَّه لَيْسَ المرادُ أنَّه يُذَكَّى كذكاةِ أُمِّه، بل إنَّ ذكاةَ أُمِّه ذكاةٌ له كافيةٌ عن تَذكيتِه.

(وَ) منه تأويلُهم قولَه تَعالى: ({وَلِذِي الْقُرْبَى} (٤) في آيتيِ الفيءِ والغنيمةِ (عَلَى الفُقَرَاءِ مِنْهُمَا) أي: مِن ذوي القُربى دونَ الأغنياءِ؛ لأنَّ المقصودَ سدُّ الخَلَّةِ، ولا خَلَّةَ معَ الغِنى، فأَبْطَلُوا العُمومَ معَ ظهورِ أنَّ القَرابةَ هي العِلَّةُ لتَعظيمِها وتشريفِها معَ إضافتِه بلامِ التَّمليكِ، ولا يَلْزَمُنا ذلك في اليُتمِ للخلافِ فيه، ثمَّ لفظُ اليتيمِ معَ قرينةِ دفعِ المالِ مُشعِرٌ بالحاجةِ ولا يَصلُحُ مُجَرَّدُه عِلَّةً، بخلافِ القَرابةِ، فإنَّها مناسبةٌ للإكرامِ باستحقاقِ خُمسِ الخمسِ.


(١) رواه أبو داود (٢٨٢٨)، ورواه الترمذي (١٤٧٦)، وابن ماجه (٣١٩٩) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وقال الترمذي: حديث حسن.
(٢) في «د»: فيرون.
(٣) في «ع»: الابتداء.
(٤) الأنفال: ٤١، والحشر: ٧.

<<  <   >  >>