للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيهٌ: إِنَّمَا يُعتبَرُ مفهومُ الشَّرطِ وغيرِه حيثُ لم يَظهَرْ للتَّخصيصِ فائدةٌ كما سَبَقَ في الشَّرحِ، فقولُ القائلِ لابنِه: أَطِعْني (١) إنْ كُنْتَ ابني، المرادُ به التَّنبيهُ على السَّببِ الباعثِ للحُكْمِ لا تقييدُ الحُكْمِ به.

(وَ) القِسْمُ (الرَّابِعُ) مفهومُ الغايةِ، وهو مَدُّ الحُكمِ بأداةِ الغايةِ (كَـ) قولِه تَعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٢)، {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (٣).

(وَهُوَ) حُجَّةٌ عندَ الجمهورِ، و (أَقْوَى) دَلالةً (مِنَ) القِسْمِ (الثَّالِثِ)، وقد اعتَرفَ به مَن أنْكَرَ مفهومَ الشَّرطِ، ولهذا أجمعوا على تسميتِها حروفَ الغايةِ، وغايةُ الشَّيءِ نهايتُه، فلو ثَبَتَ الحُكمُ بعدَها لم يُفِدْ تسميتُها غايةً، وقِيلَ: لا مفهومَ للغايةِ.

قالَ الباقِلَّانِيُّ: واقعُ الاتِّفاقِ على تقديرِ ضدِّ الحُكمِ بعدَها، ففي: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (٤) يُقدَّرُ: فاقْرَبُوهنَّ، ثمَّ قال: ولا شكَّ أنَّ المُضمَرَ كالملفوظِ به؛ لأنَّه إِنَّمَا أُضمِرَ لسَبْقِه إلى فهمِ العارفِ باللِّسانِ (٥).

فكأنَّه نَصَّ أهلُ اللُّغةِ على أنَّه منطوقٌ.

(وَ) القِسمُ (الخَامِسُ) مفهومُ العددِ لغيرِ مبالغةٍ: وهو تعليقُ الحُكمِ بعددٍ مخصوصٍ (كَـ) قولِه تَعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ (ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (٦) وهو كالصِّفَةِ؛ لأنَّ قدرَ الشَّيءِ صِفتُه.


(١) في «ع»: أطعمني.
(٢) البقرة: ٢٣٠.
(٣) البقرة: ١٨٧.
(٤) البقرة: ٢٢٢.
(٥) ينظر: «تشنيف المسامع» (١/ ٣٧٠)، و «الغيث الهامع» (ص ١٣٤).
(٦) النور: ٤.

<<  <   >  >>