للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا قياسٌ مستفادٌ بعدَ وفاتِه -عليه الصلاة والسلام- فلا يَصِحُّ نَسخُه؛ لأنَّه لا يَصِحُّ أن يَتَجَدَّدَ بعدَ وفاتِه نصٌّ مِن كتابٍ أو سُنَّةٍ.

(وَإِنْ نُسِخَ حُكْمُ أَصْلِ) القياسِ: (تَبِعَهُ حُكْمُ فَرْعِهِ) وهو القياسُ لخروجِ العِلَّةِ عنِ اعتبارِها فلا فرعَ، وإلَّا وُجِدَ المعلولُ بلا عِلَّةٍ، وخالَفَ في ذلك القاضي والحنفيَّةُ، قال القاضي في إثباتِ القياسِ عقلًا: لا يَمتنِعُ عندَنا بقاءُ حُكمِ الفرعِ معَ نسخِ حُكمِ الأصلِ (١).

ومَثَّلَه أصحابُنا، وذَكَرَه ابنُ عَقِيلٍ (٢) عنِ المُخالِفِ ببقاءِ حُكمِ النَّبيذِ المطبوخِ في الوضوءِ بعدَ نسخِ النِّيءِ، وبصومِ رمضانَ بنِيَّةٍ مِن النَّهارِ بعدَ نسخِ عاشوراءَ عندَهم.

وقالَ الشَّيخُ: المنسوخُ عندَهم تجويزُ شُربِه فتَتْبَعُه الطُّهُوريَّةُ، فإنَّها نفسُ المسألةِ (٣).

وقالَ: جازَ الوضوءُ بهما ثمَّ حَرُمَ الأصلُ، فالمعنى النَّاسخُ اختصَّ به (٤).

(وَيَجُوزُ النَّسْخُ بِالفَحْوَى) قد سَبَقَ في بابِ المفهومِ أنَّ مفهومَ الموافقةِ، وهو ما يَكُونُ المسكوتُ عنه مُوافقًا للمنطوقِ في الحُكْمِ، وفي طريقِ دَلالةِ الفَحوى أقوالٌ:

أحدُها: بطريقِ المفهومِ، وهو المرادُ هنا في نَسخِه والنَّسخُ به لا على أنَّه بالقياسِ؛ لأنَّ ذلك داخلٌ في قاعدةِ النَّسخِ للقياسِ، ولا على أنَّ اللَّفظَ الدَّالَّ


(١) «العدة في أصول الفقه» (٤/ ١٢٩٠).
(٢) «الواضح في أصول الفقه» (٤/ ٢٨٠).
(٣) «المسودة في أصول الفقه» (ص ٢١٣).
(٤) «المسودة في أصول الفقه» (ص ٢١٨).

<<  <   >  >>