للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤) (وَ) منها (ألَّا تَرْجِعَ) العِلَّةُ (عَلَيْهِ) أي: على حُكْمِ الأصلِ الَّذِي استُنْبِطَتْ [منه (بِإِبْطالٍ) حَتَّى لو استُنْبِطَتْ] (١) مِن نصٍّ، وكانَتْ تُؤَدِّي إلى ذلك كانَ ذلك فاسدًا، وذلك لأنَّ الأصلَ مَنشؤُها، فإبطالُها له إبطالٌ لها؛ لأنَّها فرعُه، والفرعُ لا يُبطِلُ أصلَه؛ إذْ لو أَبْطَلَ أصلَه لأبطلَ نَفْسَه، كتعليلِ الحنفيَّةِ وجوبَ الشَّاةِ في الزَّكاةِ بدفعِ حاجةِ الفقيرِ، فإِنَّه مُجَوِّزٌ لإخراجِ قيمةِ الشَّاةِ مُفْضٍ إلى عَدَمِ وُجوبِها بالتَّخييرِ بينَها وبينَ قيمتِها، وأمَّا إذا عادَتِ العِلَّةُ على حُكمِ الأصلِ بتخصيصِ النَّصِّ فللعلماءِ فيه قولانِ مُستَنْبَطَانِ مِن قولِهم في نقضِ الوضوءِ بمسِّ المحارمِ، ففي قولٍ: «يَنْقُضُ» نظرًا إلى كونِ الملموسِ مَظِنَّةَ الاستمتاعِ، فعادَتِ العِلَّةُ على عُمومِ النِّساءِ بالتَّخصيصِ بغيرِ المحارمِ، (وَفِي قَوْلٍ) آخَرَ (وَ) هو أنَّ (٢) مِن شرطِها أن (لَا) تَعُودَ عليه (بِتَخْصِيصٍ) ومِثلُه حديثُ النَّهيِ عنْ بيعِ اللَّحمِ بالحيوانِ (٣) شاملٌ للمأكولِ وغيرِه.

قالَ في «شرح الأصل»: والصَّحيحُ النَّقضُ بمسِّ المحارمِ، وصحَّةُ البيعِ في بيعِ اللَّحمِ بالحيوانِ مُطلقًا، وأمَّا عَوْدُها بالتَّعميمِ كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَقْضِي (٤) القَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» (٥) فلا خلافَ في جوازِه؛ لأنَّ العِلَّةَ تشويشُ الفكرِ، فتَتَعَدَّى إلى كلِّ مشوِّشٍ (٦).


(١) ليس في «ع».
(٢) ليس في «ع».
(٣) رواه مالك (٦٤)، والدارقطني (٣٠٥٧)، والبيهقي (٥/ ٤٨٤) عن سعيد بن المسيب مرسلًا، وروي موصولًا، لكن رجَّح البيهقي المرسل.
(٤) في «ع»: يقضِ.
(٥) رواه البخاري (٧١٥٨)، ومسلم (١٧١٧) من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-: «لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ».
(٦) «التحبير شرح التحرير» (٧/ ٣٢٦٧ - ٣٢٦٨).

<<  <   >  >>