للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سُدًى مَضَرَّةٌ له، فإنْ عُوِّدَ الإكرامَ الَّذِي يَستحِقُّه الأعلى طَبَقَةً أَخْلَدَ إلى خَطَئِه ولم يَزَعْه عن الغلطِ وازعٌ.

(وَيَنْبَغِي) لأحدِ الخصمينِ: (ألَّا يَغْتَرَّ بِخَطَأِ الخَصْمِ) الآخرِ فإذا أخطأَ أحدُهما في الجدلِ في بعضِ المذاهبِ فاحذرِ الاغتِرارَ بذلك؛ فإِنَّه لَيْسَ في خطئِه في مذهبٍ دليلٌ على أنَّه قد أَخطأَ في مذهبٍ آخَرَ، فلا يُلتَفَتُ إلى التَّمويهِ، فإنَّ بعضَ مذاهبِ فلانٍ يَتَعَلَّقُ ببعضٍ، فإنْ فَسَدَ واحدٌ منها فَسَدَ جميعُها، فإنَّ ذلك يَحمِلُك على التَّخطئةِ بغيرِ بصيرةٍ لمن لَعَلَّه أنْ يَكُونَ مُصيبًا فيما أَتَى به، فاعتبرْ ذلك، ولا تَتَّكِلْ على مِثلِ هذا المعنى، ولكنْ إذا كَثُرَ خَطؤُه أَوْجَبَ ذلك تهمةً لمذهبِه وقِلَّةَ سكونٍ إلى اختيارِه مِن غيرِ أن يُحَصِّلَ ذلك دليلًا على فسادِه لا مَحالةَ.

(وَ) يَنبغي (أَنْ يَحْتَرِزَ) في كلِّ جدلٍ (مِنْ حِيلَتِهِ) أي: الخصمِ.

(وَألَّا يَعْتَادَ الخَوْضَ فِي الشَّغَبِ) ومَن خاضَ فيه تَعَوَّدَه (فيُحْرَمَ الإِصَابَةَ، وَيَسْتَرْوِحَ إِلَيْهِ) ومَن عُرِفَ به سَقَطَ سُقوطَ الذَّرَّةِ، وأدبُ الجدلِ يَزينُ صاحبَه وتَركُه يَشِينُه.

ولا يَنبغي أنْ يَنظُرَ لِما اتَّفَقَ لبعضِ مَن تَرَكَه مِن الحظوةِ في الدُنيا، فإِنَّه إنْ كانَ رفيعًا عندَ الجهَّالِ فهو ساقطٌ عندَ ذوي الألبابِ (معَ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ) أحدٌ (مِنَ الِانْقِطَاعِ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ تَعَالَى) مِن الزَّلَلِ.

(وَلَيْسَ حَدُّ العَالِمِ كَوْنَهُ حَاذِقًا فِي الجَدَلِ، فَإِنَّهُ) أي: الجدلَ (صِنَاعَةٌ، وَالعِلْمُ) صناعةٌ إلَّا أنَّه (مَادَّتُهُ) أي: مادَّةُ الجدلِ (فَالمُجَادِلُ يَحْتَاجُ إِلَى

<<  <   >  >>