للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها دفعُ الضَّروراتِ الخمسِ الَّتي هي حفظُ الدِّينِ والنَّفسِ والعقلِ والنَّسبِ والمالِ والعِرضِ، وهذه القاعدةُ تَرجِعُ إلى تحصيلِ المقاصدِ وتقريرِها، بدفعِ المفاسدِ أو تخفيفِها.

(وَ) يَدخُلُ فيها أيضًا (إِبَاحَتُهُ) أي: الضَّررِ (لِلْمَحْظُورِ) أي: الممنوعِ، وهو المُحَرَّمُ وهو مَعنى قولِهم: الضَّروراتُ تُبِيحُ المحظوراتِ، بشرطِ عدمِ نُقصانِ الضَّررِ عن المحظورِ، ومِن ثَمَّ جازَ بل وَجَبَ أكلُ الميتةِ عندَ المخمصةِ، وكذلك إساغةُ اللُّقمةِ بالخمرِ وبالبولِ، وغيرُ ذلك.

(وَ) مِن قواعدِ الفقهِ (المَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ) لقولِه تَعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (١) إشارةً إلى ما خَفَّفَ عن هذه الأُمَّةِ مِن التَّشديدِ على غيرِهم مِن الإصرِ ونحوِه؛ دَفعًا للمَشَقَّةِ، وقد قالَ اللهُ تَعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٢)، وقال تَعَالَى في دُعائِهم: {وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} (٣)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «أَحَبُّ الأَدْيَانِ إِلَى اللهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ (٤)» (٥) في أحاديثَ وآثارٍ كثيرةٍ.

ويَدخُلُ تحتَ هذه القاعدةِ أنواعٌ مِن الفقهِ: منها في العباداتِ: القعودُ في الصَّلَاةِ النَّافلةِ مُطلقًا، وفي الفريضةِ عندَ مَشَقَّةِ القيامِ، وقَصرُها في السَّفرِ، والجمعُ بينَ الصَّلاتينِ، ونحوُ ذلك، وهي في المعاملاتِ كثيرةٌ جدًّا، وفي المناكحاتِ والجناياتِ وفي كتابِ القضاءِ.


(١) الحج: ٧٨.
(٢) البقرة: ١٨٥.
(٣) البقرة: ٢٨٦.
(٤) في «ع»: السمحاء.
(٥) رواه أحمد (٢١٣٨) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.

<<  <   >  >>