للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومِن التَّخفيفاتِ المطلقةِ: فروضُ الكفايةِ (١)، والعملُ بالظُّنونِ لمشقَّةِ الاطِّلاعِ على اليقينِ، إلى غيرِ ذلك.

(وَ) من القواعدِ قولُ الفقهاءِ: (دَرْءُ المَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ المَصَالِحِ) فإذا دارَ الأمرُ بينَ درءِ مفسدةٍ وجَلْبِ مَصلحةٍ كانَ درءُ المفسدةِ أَوْلَى مِن جلبِ المصلحةِ.

(وَ) إذا دارَ الأمرُ أيضًا بينَ درءِ إحدى المفاسدِ وكانَت إحداها أكثرَ فسادًا مِن غيرِها فـ (دَفْعُ أَعْلَاهَا بِأَدْنَاهَا) يَعني دفعَ أعلاها أَوْلَى مِن غيرِه، وهذا واضحٌ يَقبَلُه كلُّ عاقلٍ، وأجمعَ عليه أهلُ العِلْمِ.

(وَ) مِن القواعدِ (تَحْكِيمُ العَادَةِ) يَعني أنَّ العادةَ مُحَكَّمَةٌ أي: معمولٌ بها شرعًا، ومِن أدلَّةِ هذه القاعدةِ قولُه تَعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} (٢) فالمرادُ ما يَعرِفُه النَّاسُ ويَتَعَارَفُونَه فيما بينَهم ممَّا لا تَرُدُّه الشَّريعةُ، وكلُّ ما تَكَرَّرَ مِن لفظِ المعروفِ في القرآنِ، نحوُ: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٣) فالمرادُ ما يَتَعارَفُه النَّاسُ مِن مِثلِ ذلك الأمرِ، ومنه قولُه -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (٤) فإِنَّه دليلٌ على اعتبارِ ما المسلمون عليه إمَّا مِن جهةِ الأمرِ الشَّرعيِّ، أو مِن جهةِ العادةِ المستقرَّةِ؛ لشمولِ قولِه: «لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا ذَلِكَ»، ومنها حديثُ: «المِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ المَدِينَةِ، وَالوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ» رَوَاه أبو داودَ (٥) والنَّسائيُّ (٦)، وسندُه صحيحٌ.


(١) في «ع»: الكفايات.
(٢) الأعراف: ١٩٩.
(٣) النساء: ١٩.
(٤) رواه مسلم (١٧١٨) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(٥) «سنن أبي داود» (٣٣٤٠).
(٦) «سنن النسائي» (٢٥٢٠).

<<  <   >  >>