يُكَفَّرُ الدَّاعيةُ وغيرُه، هذا في المبتدعِ المجتهدِ. وأمَّا المقلِّدُ، فقالَ: الصَّحيحُ أنَّ كلَّ بدعةٍ لا تُوجِبُ الكفرَ لا يُفَسَّقُ المقلِّدُ فيها لخِفَّتِها، مثلُ مَن يُفَضِّلُ عليًّا على سائرِ الصَّحابةِ، ويَقِفُ عن تكفيرِ مَن كَفَّرْناه مِن المبتدعةِ.
(وَيَفْسُقُ مُقَلِّدٌ) لمبتدعٍ بما كَفَرَ به الدَّاعيةُ، قالَ صاحبُ «المحرر»: الصَّحيحُ أنَّ كلَّ بدعةٍ كَفَّرْنا فيها الدَّاعيةَ، فإنَّا نُفَسِّقُ المقلِّدَ فيها كمن يَقُولُ بخلقِ القرآنِ، أو بأنَّ ألفاظَنا به مخلوقةٌ، أو أنَّ عِلمَ اللهِ مخلوقٌ، أو أنَّ أسماءَه مخلوقةٌ، أو أنَّه لا يُرى في الآخِرةِ، أو يَسُبُّ الصَّحابةَ تَدَيُّنًا، أو أنَّ الإيمانَ مُجَرَّدُ الاعتقادِ وما أَشْبَهَ ذلك، فمَن كانَ عالمًا في شيءٍ مِن هذه البدعِ يَدعُو إليه ويُناظِرُ عليه فهو محكومٌ بكُفْرِه، نص أحمدُ على ذلك صريحًا في مواضعَ.
و (لَا) يُكَفَّرُ ولا يُفَسَّقُ (مُجْتَهِدٌ) في البدعِ (بِمَا كَفَرَ (١) به الدَّاعِيَةُ) وهو مُخطِئٌ غيرُ آثمٍ، يُثابُ على اجتهادِه، واحتجَّ بالخبرِ المتَّفقِ على صِحَّتِه:«إِذَا اجْتَهَدَ الحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ»، وصَحَّ أنَّ اللهَ تَعَالَى عفا عن النِّسيانِ والخطأِ، فلا نُكَفِّرُ أحدًا مِن أهلِ القبلةِ.
(وَلَا يَفْسُقُ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ كَفَّرْنَاهُ)، وقِيلَ: يُكَفَّرُ في إحدى الرِّوايتينِ عن أحمدَ.
(وَالمُصِيبُ فِي) الأُمورِ (العَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ) وهو مَن صادَفَ الحقَّ فيها لتَعَيُّنِه في الواقعِ، كحدثِ العالَمِ وثبوتِ الباري وصفاتِه، وبَعثِه الرُّسُلَ وغيرِ ذلك، فالأمورُ العقليَّةُ المُصيبُ فيها واحدٌ قطعًا كما نَقَلَ الآمِدِيُّ وغيرُه