للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإجماعَ عليه؛ لأنَّه (١) لا سبيلَ إلى أنَّ كلًّا مِن نقيضينِ أو ضِدَّينِ حَقٌّ، بل أحدُهما فقطْ، والآخَرُ باطلٌ، ومَن لم يُصَادِفْ ذلك الواحدَ في الواقعِ فهو ضالٌّ آثِمٌّ، وإنْ بالَغَ في النَّظرِ، وسواءٌ كان مُدرِكَ ذلك عقلًا محضًا كحدثِ العالمِ، أو شَرعًا مُستندًا إلى ثبوتِ أمرٍ عقليٍّ كعذابِ القبرِ.

وقالَ الكُورَانِيُّ: الحقُّ أنَّ الأمرَ مختلفٌ في العقليَّاتِ والشَّرعيَّاتِ (٢).

(وَنَافِي الإِسْلَامِ مُخْطِئٌ آثِمٌ كَافِرٌ مُطْلَقًا) أي: سواءٌ قالَ ذلك اجتهادًا أو بغيرِ اجتهادٍ.

إذا عُلِمَ ذلك فالمخطئُ لعدمِ إصابةِ ذلك الواحدِ لا يَخلو إمَّا أنْ يَكُونَ في إنكارِ الإسلامِ كاليهودِ والنَّصارى إذا قالَ: أَدَّاني اجتهادي إلى إنكارِه، فهو (٣) ضالٌّ كافرٌ (٤) عاصٍ للهِ ولرسولِه، وإنْ كانَ في غيرِ ذلك مِن العقائدِ الدِّينيَّةِ الزَّائدةِ على أصلِ الإسلامِ فهذا عاصٍ، ومِن هنا انْفَرَقَتِ المبتدعةُ فرقًا مقابلةً لطريقِ السُّنَّةِ، وفيهم قالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَرْقَةٌ نَاجِيَةٌ وَالبَاقِي فِي النَّارِ» (٥).

(وَالمَسْأَلَةُ الظَّنِّيَّةُ الحَقُّ فِيهَا وَاحِدٌ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، وَعَلَيْهِ دَلِيلٌ، وَعَلَى المُجْتَهِدِ طَلَبُهُ) زادَ في «التمهيد» (٦): ويَطْلُبُه (حَتَّى) يَعلَمَ، ومرادُه: (يَظُنَّ أَنَّهُ


(١) ليس في «ع».
(٢) «الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع» (٤/ ١٢٤).
(٣) في «د»: فهذا.
(٤) ليس في «د».
(٥) رواه الترمذي (٢٦٤٠)، وابن ماجه (٣٩٩١)، وابن حبان (٦٢٤٧) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مختصرًا: «وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً». وقال الترمذي: حسن صحيح.
رواه الترمذي (٢٦٤١) من حديث عبد الله بن عمرو، وضعَّفه: «وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً»، قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي».
(٦) «التمهيد في أصول الفقه» للكَلْوَذاني (٤/ ٣١٠).

<<  <   >  >>