(وَلَا يَأْثَمُ: مُجْتَهِدٌ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ اجْتِهَادِيٍّ، وَيُثَابُ) عندَ أهلِ الحقِّ وهو الصَّحيحُ، واستدلَّ له بإجماعِ الصَّحابةِ والتَّابعينَ، فإنَّهم اختلفوا في كثيرٍ مِن المسائلِ، وتَكَرَّرَ وشاعَ مِن غيرِ نكيرٍ ولا تأثيمٍ، معَ القطعِ بأنَّه لو خالَفَ أحدٌ في أحدِ أركانِ الإسلامِ الخمسِ، أَنْكَرُوا كمَانِعِي الزَّكاةِ والخوارجِ.
(وَلَا) يَأْثَمُ (مَنْ) أي: مجتهدٌ (بَذَلَ وُسْعَهُ وَلَوْ خَالَفَ) دليلًا (قَاطِعًا)؛ لأنَّه معذورٌ، ولا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَها، وقد أَتَى بما يَقْدِرُ عليه، (وَإِلَّا) يَبْذُلْ وُسعَه (أَثِمَ لِتَقْصِيرِهِ) في بذلِ الوسعِ.
(وَ) يَجُوزُ (لِلْمُجْتَهِدِ) عندَ عامَّةِ العلماءِ (أَنْ يَقُولَ فِي مَسْأَلَةٍ) واحدةٍ (فِي وَقْتَيْنِ) قولينِ مُتضادَّينِ؛ لأنَّ اعتقادَ ذلك في الوقتينِ لَيْسَ بمحالٍ، و (لَا) يَجُوزُ له أن يَقُولَ في مسألةٍ واحدةٍ في وقتٍ (وَاحِدٍ قَوْلَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ)؛ لأنَّه لا يَخلو إمَّا أن يَكُونا فاسدينِ وعَلِمَ ذلك، فالقولُ بهما حرامٌ فلا قولَ أصلًا، أو يَكُونَ أحدُهما فاسدًا، فكذلك، فلا وجودَ للقولينِ، أو يَكُونا صَحيحينِ فإذًا