للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلاةَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- في الكعبةِ على روايةِ ابنِ عبَّاسٍ (١) في نَفيِها؛ لأنَّ عندَ المثبِتِ زيادةَ عِلمٍ ممكنةً، وهو عدلٌ جازمٌ بها.

(وَ) المرادُ ما قاله الفخرُ إسماعيلُ وغيرُه (إِنِ اسْتَنَدَ النَّفْيُ إِلَى عِلْمٍ بِالعَدَمِ؛ فَـ) الإثباتُ والنَّفيُ (سَوَاءٌ)، ومَعنى استنادِ النَّفيِ إلى عِلْمٍ بالعدمِ أن يَقُولَ الرَّاوي: أَعلَمُ أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لم يُصَلِّ [في البيتِ] (٢)؛ لأنِّي كُنْتُ مَعَه فيه، ولم يَغِبْ عن نظري طَرفَةَ عينٍ فيه، ولم أَرَه صَلَّى فيه. أو قالَ: أَخبَرَنِي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه لم يُصَلِّ فيه. فهذا يُقبَلُ لاستنادِه إلى مَدْرَكٍ علميٍّ. ويَستوي هو وإثباتُ المثبِتِ، فيتعارضانِ ويُطلَبُ المُرجِّحُ مِن خارجٍ، وكذا حُكْمُ كلِّ شهادةٍ نافيةٍ أُسنِدَتْ إلى عِلْمٍ بالنَّفيِ لا إلى العِلْمِ، فإنَّها تُعارِضُ المثبتةَ؛ لأنَّها تُساويها؛ إذ هما في الحقيقةِ مُثبِتتانِ؛ لأنَّ إحداهما تُثبِتُ المشهودَ به، والأخرى تُثبِتُ العِلْمَ بعدمِه، وقد ذَكَرَ الأصحابُ في الشَّهادةِ في الإعسارِ أنَّ الشَّهادةَ في النَّفيِ تُقبَلُ مِن غيرِ مُعارِضٍ إذا كانَ النَّفيُ مَحصورًا.

(وَكَذَا العِلَّتَانِ) يَعني تُقدَّمُ المُثبِتةُ على النَّافيةِ، كما ذَكَرَه في شرحِه.

(وَ) يُرَجَّحُ (على مُقَرِّرٍ) للحُكمِ الأصليِّ نصٌّ أو دليلٌ: (نَاقِلٌ) عن حُكمِ الأصلِ، مثالُه: أنَّ الأصلَ في المطعوماتِ الحِلُّ، فلو وَرَدَ بإباحةِ الثَّعلبِ حديثٌ وحديثٌ بتحريمِه فالأوَّلُ مُقَرِّرٌ لإباحتِه الأصليَّةِ والثَّاني ناقلٌ عن أصلِ الإباحةِ، فهو مُفيدٌ فائدةً زائدةً، وهي التَّحريمُ، وعليه الأكثرُ.

وقالَ الطُّوفِيُّ في «شرحه»: الأشبهُ تقديمُ المُقَرِّرِ لاعتضادِه بدليلِ


(١) رواه البخاري (٣٩٨)، ومسلم (١٣٣٠).
(٢) في «د»: بالبيت.

<<  <   >  >>