للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصلِ، وعلى هذا تَنْبَنِي بيِّنةُ الدَّاخلِ والخارجِ، وهو ما إذا تَدَاعَيَا عينًا في يدِ أَحَدِهما وأقامَ كُلُّ واحدٍ مِنهما بَيِّنَةً أنَّها له، فالدَّاخلُ مَن في يدِه العينُ، والخارجُ مِن ليسَتْ في يدِه، فمذهبُ أحمدَ تقديمُ بَيِّنَةِ الخارجِ؛ لأنَّها ناقلةٌ عن دَلالةِ اليدِ الَّتي هي كالأصلِ، وعنه تقديمُ بيِّنةِ الدَّاخلِ؛ لأنَّها اعْتَضَدَتْ بيدِه على العينِ، فهما دليلانِ، وهو الأشبهُ بقواعدِه وقواعدِ غيرِه في اعتبارِ التَّرجيحِ بما يَصلُحُ له (١).

(وَ) يُرَجَّحُ (عَلَى مُثْبِتِ حَدٍّ: دَارِئُهُ) على الصَّحيحِ لموافقتِه الأصلَ؛ إذ الأصلُ عدمُ وجوبِ الحدِّ، ولأنَّ الحدودَ تُدرَأُ بالشُّبهاتِ؛ لقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «لَأْن يُخْطِئَ فِي العَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي العُقُوبَةِ» (٢).

(وَ) يُرَجَّحُ (عَلى نَافِي عِتْقٍ (٣)، وَ) نافي (طَلَاقٍ: مُوجِبُهُمَا) لقِلَّةِ سببِ مُبطلِ الحُرِّيَّةِ ولا تَبطُلُ بعدَ ثبوتِها ولموافقةِ النَّفيِ الأصليِّ رفعَ العقدِ، ومِثلُه الطَّلاقُ.

(وَ) يُرَجَّحُ مِن التَّكليفيِّ (عَلَى أَثْقَلَ: أَخَفُّ) على الصَّحيحِ لقولِه تَعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٤).

(وَ) حُكمٌ (تَكْلِيفِيٌّ) كاقتضاءٍ ونحوِه (وَ) حُكْمٌ (وَضْعِيٌّ) كصِحَّةٍ وفسادٍ (سَوَاءٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) أي: كلامِ أصحابِنا، فإنَّهم لم يَذكُروا ترجيحَ حُكمٍ تكليفيٍّ على وضعيٍّ، فظاهرُه (٥) سواءٌ، وصَحَّحَ غيرُ أصحابِنا ترجيحَ الحُكمِ التَّكليفيِّ؛ لأنَّه مُحَصِّلٌ للثَّوابِ.


(١) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٧٠٣).
(٢) رواه الترمذي (١٤٢٤) وضعَّفه، وكذا ضعفه عبد الحق في «الأحكام الوسطى» (٤/ ١٠٥).
(٣) في «ع»: عتقًا.
(٤) البقرة: ١٨٥.
(٥) في «د»: فظاهر.

<<  <   >  >>