للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ الآمِدِيُّ: إنْ رَجَّحَ بالثَّوابِ تَوَقَّفَ على أهليَّةِ المخاطَبِ وتَمَكُّنِه.

النَّوعُ الرَّابعُ مِن القسمِ الأوَّلِ الَّذِي يَقَعُ التَّرجيحُ فيه بينَ مَنقولينِ:

الأَمْرُ (الخَارِجُ) وهو ترجيحٌ بأمورٍ لا يَتَوَقَّفُ عليها الدَّليلُ لا في وجودِه ولا في صِحَّتِه ودلالتِه، لكنْ (يُرَجَّحُ) الدَّليلُ:

(بِمُوَافَقَةِ دَلِيلٍ آخَرَ لَهُ) على دليلٍ لا يُوافِقُهُ دليلٌ آخَرُ؛ لأنَّ الظَّنَّينِ أقوى مِن الظَّنِّ الواحدِ، ولهذا قَدَّمْنا حديثَ عائشةَ في صلاةِ الفجرِ بغَلَسٍ على حديثِ نافعٍ في الإسفارِ؛ لموافقةِ قولِه تَعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ [وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى] (١) (٢)؛ لأنَّ مِن المحافظةِ الإتيانَ بالمحافَظِ عليه المُوَقَّتِ أوَّلَ وقتِه، (إِلَّا فِي أَقْيِسَةٍ تَعَدَّدَ أَصْلُهَا معَ خَبَرٍ فَيُقَدَّمُ) الخَبَرُ (عَلَيْهَا) وقِيلَ: تُقَدَّمُ الأقيسةُ إنْ تَعَدَّدَ أصلُها، فإن لم يَتَعَدَّدْ أصلُها فمُتَّحِدةٌ.

(فَإِنْ تَعَارَضَ: ظَاهِرُ قُرْآنٍ وَ) ظاهرُ (سُنَّةٍ، وَأَمْكَنَ بِنَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الآخَرِ) كخنزيرِ الماءِ في قوله (٣) -صلى الله عليه وسلم- في البحرِ: «الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الحِلُّ مَيْتَتُهُ» (٤) فإِنَّه عامٌّ في ميتةِ البحرِ حَتَّى خنزيرِه معَ قولِه تَعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} (٥) فإِنَّه يَتناوَلُ خنزيرَ البحرِ، فيَتَعَارَضُ عمومُ الكتابِ والسُّنَّةِ


(١) ليس في «د».
(٢) البقرة: ٢٣٨.
(٣) في «د»: كقوله.
(٤) رواه أبو داود (٨٤)، والترمذي (٦٩)، والنسائي (٥٩)، وابن ماجه (٣٨٦، ٣٢٤٦)، وابن الجارود (٤٣)، وابن خزيمة (١١١)، وابن حبان (٢٤٣)، والحاكم (١/ ٢٣٧) جميعًا من طريق مالك. قال الترمذي: حسن صحيح.
ونقل الترمذي في «العلل» ص (٤١) عن البخاري أنه قال: هو حديث صحيح.
(٥) الأنعام: ١٤٥.

<<  <   >  >>