للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في خنزيرِ البحرِ فقَدَّمَ بعضُهم الكتابَ، فحَرَّمَه، وبعضُهم السُّنَّةَ فأَحَلَّه، وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ؛ لقولِه: السُّنَّةُ تُفَسِّرُ القُرآنَ (١).

(أَوْ) تَعارَضَ (خَبَرَانِ معَ أَحَدِهِمَا ظَاهِرُ قُرْآنٍ، وَ) مع الخبَرِ (الآخَرِ ظَاهِرُ سُنَّةٍ: قُدِّمَ ظَاهِرُهَا) أي: ظاهرُ (٢) السُّنَّةِ بناءً على ما قَبْلَها.

واعلَمْ أنَّ التَّعَارُض إمَّا أنْ يَقَعَ بينَ آيتينِ، أو خبرينِ، أو قياسينِ، أو آيةٍ وخبرٍ، أو آيةٍ وقياسٍ، أو خبرٍ وقياسٍ، وعلى التَّقديراتِ السِّتَّةِ فالمرجَّحُ مِن الطَّرفينِ إمَّا آيتانِ، أو خبرانِ، أو قياسانِ، أو آيةٌ وخبرٌ، أو آيةٌ وقياسٌ، أو خبرٌ وقياسٌ، فهذه سِتَّةٌ وثلاثونَ تَعارُضًا مضروبُ سِتَّةٍ في سِتَّةٍ، فحيثُ اتَّحَدَ نوعُ العاضدِ والمعضودِ مِن الطَّرفينِ كآيتينِ عَضَّدَتْهما آيتانِ، أو خبرينِ عَضَّدَهما خبرانِ، أو قياسينِ عَضَّدَهما قياسانِ رُجِّحَ أحدُ الطرفينِ ببعضِ وجوهِ التَّرجيح ممَّا سَبَقَ أو غيرِه، وحيثُ اختلفَ نوعُهما كآيةٍ وخبرٍ معَ خبرينِ أو آيتينِ، فهل يُقَدَّمُ ما اتَّحَدَ نوعُ دَلالتِه أو ما عَضَّدَتْه السُّنَّةُ سَبَقَ ما فيه.

وقالَ الطُّوفِيُّ: الأضبطُ مِن هذا أنْ يُرَجَّحَ ما تُخِيِّلَ فيه زيادةُ قُوَّةٍ كائنًا مِن ذلك ما كانَ، وقد تُتَخَيَّلُ زيادةُ القوَّةِ معَ اتِّحادِ النَّوعِ واختلافِه (٣).

(وَ) يُرَجَّحُ أحدُ (٤) الدَّليلَينِ (بِـ) موافقةِ (٥) (عَمَلِ أَهْلِ المَدِينَةِ) النَّبويَّةِ، وبعملِ أهلِ الكوفةِ عندَ أبي الخَطَّابِ وغيرِه، وبما أقامَ به الصَّحابةُ إلى ظهورِ البدعِ؛ لأنَّ إطباقَ الجمِّ الغفيرِ على العملِ على أحدِ (٦) الخبَرينِ يُفيدُ تقويةً وزيادةَ ظنٍّ، فيُرَجَّحُ به كموافقةِ خبَرٍ آخَرَ، ولأنَّ اتِّفاقَ أهلِ البلدينِ


(١) في «د»: بالقرآن.
(٢) ليس في «د».
(٣) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٧٠٨).
(٤) في «ع»: إحدى.
(٥) زاد في «ع»: عدم.
(٦) في «ع»: إحدى.

<<  <   >  >>