للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذكورينِ قد اختُلِفَ في كونِه إجماعًا، فإنْ كانَ فهو مُرَجِّحٌ لا محالةَ، وإن لم يَكُنْ إجماعًا فأدنى أحوالِه أنْ يَكُونَ مُرَجِّحًا كالظَّاهرِ والقِيَاسِ وخبَرِ الواحدِ، (أَوْ) بعملِ (الخُلَفَاءِ الأَرْبَعَةِ) أي: إذا تَعارَضَ نصَّانِ وقد عَمِلَ بأحدِهما الخلفاءُ الرَّاشدون وهم أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ -رضي الله عنهم-، رُجِّحَ على النَّصِّ الآخَرِ على الصَّحيحِ لورودِ الأمرِ باتِّباعِهم حيثُ قالَ -عليه الصلاة والسلام-: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» (١)، وقِيلَ: يُرَجَّحُ أيضًا بقولِ أبي بكرٍ وعمرَ؛ لقولِه -عليه السلام-: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» (٢).

قالَ في «شرح الأصل»: وهو أقوى، وقِيلَ: يُرَجَّحُ بقولِ الصَّحابيِّ إن كانَ حيثُ مَيَّزَه النَّصُّ من أبوابِ الفقهِ، كزيدٍ في الفرائضِ مُيِّزَ بحديثِ: «أَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ» (٣)، ومعاذٌ بحديثِ: «أَعْلَمُكُمْ بِالحَلَالِ وَالحَرَامِ مُعَاذٌ» (٤)، وعليٌّ بحديثِ: «أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ» (٥). فإذا وُجِدَ نَصَّانِ أحدُهما أعمُّ، أُخِذَ بالأخصِّ فيُرَجَّحُ قولُ


(١) رواه أبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٢) من حديث العِرباض بن سارية -رضي الله عنه-.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٢) رواه الترمذي (٣٦٦٢) من حديث حذيفة -رضي الله عنه- وقال: حديث حسن.
(٣) رواه الترمذي (٣٧٩١)، وابن ماجه (١٥٤)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٨٥)، وابن حبان (٧١٣٧) من حديث أنس -رضي الله عنه-، وفيه: «وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالحَلَالِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ».
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٤) رواه الترمذي (٣٧٩١)، وابن ماجه (١٥٤)، والنسائي في «الكبرى» (٨١٨٥)، وابن حبان (٧١٣٧) من حديث أنس -رضي الله عنه-.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٥) قال القاري في «الأسرار المرفوعة» (٥٢): قال السخاوي ما علمته بهذا اللفظ مرفوعًا. اهـ
وروى البخاري (٤٤٨١) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: «أَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ، وَأَقْضَانَا عَلِيّ.

<<  <   >  >>