للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أَوْ وُصِفَتِ) العِلَّةُ (بِـ) حُكمٍ (مَوْجُودٍ فِي الحَالِ) فيُقَدَّمُ على عِلَّةٍ موصوفةٍ بحُكمٍ يَجُوزُ وجودُه في ثاني الحالِ، كتعليلِ أصحابِنا في رهنِ المشاعِ أنَّه عينٌ يَصِحُّ بيعُها، فصَحَّ رَهنُها كالمفردِ، وتعليلُ الخصمِ بأنَّه قارنَ العقدَ مَعنًى يُوجِبُ استحقاقَ رفعِ يدِه في ثاني (١) الحالِ، فعِلَّتُنا مُحَقَّقةُ الوجودِ، وما ذُكِرَ مِن عِلَّتِهم يَجُوزُ أن يُوجَدَ، ويَجُوزُ ألَّا يُوجَدَ، فكانَتْ أَوْلى.

(أَوْ عَمَّتْ) أي: اسْتَوْعَبَتِ العِلَّةُ (مَعْلُولَهَا) فتُقَدَّمُ على عِلَّةٍ لم تَسْتَوْعِبْه، كقياسِنا في جريانِ القِيَاسِ بينَ الرَّجُلِ والمرأةِ في الأطرافِ بأنَّ مَن أَجْرَى القِيَاسَ بينَهما في النَّفسِ أَجْرَاه في الأطرافِ كالحُرَّينِ على قولِ الخصمِ: مُختلفانِ في بدلِ النَّفسِ كمسلمٍ معَ مُستأمَنٍ، فإِنَّه لا تَأثيرَ لقولِه أنَّ العبدينِ ولو تَسَاوَيَا في القيمةِ لا يَجري القِيَاسُ بينَهما في الأطرافِ عندَه.

(وَ) تُقَدَّمُ عِلَّةٌ (مُفَسَّرَةٌ) بفتحِ السِّينِ على عِلَّةٍ مُجمَلَةٍ، كقياسِنا في الأكلِ في رمضانَ أنَّه لا كَفَّارَة فيه؛ لأنَّه إفطارٌ بغيرِ مباشرةٍ، فأشبهَ لو ابتلعَ حصاةً، أَوْلَى مِن قِياسِهم: أَفْطَرَ بمُسَوِّغِ جِنسِه؛ لأنَّ المفسَّرَ في الكتابِ والسُّنَّةِ مُقَدَّمٌ على المُجمَلِ، وكذا في المستنبَطِ فهذه الثَّلاثةُ ذَكَرَها في «التَّمهيد» (٢) وغيرِه، فتُقَدَّمُ هي وما ذُكِرَ قَبْلَها (عَلَى ضِدِّهِنَّ) كما شَرَحْناه، واللهُ أعلمُ.

النَّوعُ الثَّاني مِن القسمِ الثَّاني الَّذِي يَقَعُ التَّرجيحُ فيه بينَ مَعقولينِ:

(الفَرْعُ) ويَحصُلُ بترجيحِ القِيَاسِ بحَسَبِه مِن وجوهٍ بمشاركةِ الفرعِ الأصلَ في معنًى أخصَّ، ويُرَجَّحُ على ما هو مشاركٌ في معنًى أعمَّ مِن ذلك الأخصِّ.


(١) في «ع»: ثان.
(٢) «التمهيد في أصول الفقه» للكَلْوَذاني (٤/ ٢٤٥).

<<  <   >  >>