كل الآثار تدل على مرور القطار المخصوص من هنا، ولكن من اليقين عندنا أنه لم يصل إلى بارتون موس. فحصت بنفسي الخط الحديدي فوجدته سليماً كالعادة وليس فيه أثر لحادث ما.
ونزل هذا النبآن نزول الصاعقة على مستر بلاند فأخذ ينتف شعره، ويحرق أسنانه من القطر والتأثر الشديدين، وهو يقول: إن أكاد أجن يا مستر هود. أمن الممكن أن يتحول
قطار حديدي إلى بخار يتطاير ثم يتلاشى في الفضاء؟
وفيما كان مستر بلاند ورفيقه مستر هود تتنازعهما الريب والشكوك، وتساورهما الأوهام والمخاوف إذ ورد عليهما من محطة كنيون تجنكشون هذا النبأ:
وجدنا الساعة جثة المسكين جون سلندر المهندس الميكانيكي للقطار المخصوص مطروحة في منحدر مثلَّم على ميلين ونصف ميل من المحطة.
واتفق يومئذ أن صحف إنكلترا لم تهتم لهذا الحادث الغريب لأنها كانت مشغولة عنه بحادثة أخرى أعظم أهمية، وأشد تأثيراً في النفوس. ذلك أنها كانت مشاركة باريس في اضطرابها لفضيحة سياسية كبرى كانت تتهدد الحكومة الفرنساوية، وفريقاً من عظماء القوم في ذلك العهد. فلما ذكرت حادثة القطار المخصوص لم تنظر إليها إلا نظرها إلى الحوادث الجنائية التي لا يعلق عليها شأن ما.
أما مستر بلاند فاستصحب المفتش كولنس مدير بوليس السكة الحديدية، وقصد إلى كنيون تجنكشون للبحث والتدقيق في أمر القطار الضائع. وكانت على جانبي الخط الحديدي بين تلك المحطة ومحطة بارتون موس، مناجم فحم عظيمة، ومعامل حديدية كبرى، مربوطة بخطوط حديدية مفردة تصل بينها وبين الخط العام المزدوج. على أن بعض تلك المناجم كان قد أهمله أصحابه بعد أن استثمروه واستنفدوا فحمه، فتركوه أشبه شيء بهوّات عظيمة فاغرة أفواهها، ومظلمة كأن لا قرار لها. وخيل إلى مدير البوليس لأول وهلة أن القطار المخصوص شرد إلى أحد تلك الخطوط الصغيرة التي لم تحول إبرتها عند نقطة الاتصال بالخط العام. ولكنه عاد فتذكر أن القطار الذي تلا في سيره القطار المخصوص مر من هنالك ولم