تعيد إليَّ التذكارات الماضية, وتثير في نفسي عواطف كان أولى بها أن تظل دفينة في الفؤاد. مسكينة أختي! ... هي تظن أن الغدير وحده يذكرني بك في هذه الحياة, وفاتها أن خيالك ماليء كل فكري, وأنني أتمثلك حاضرة في كل مكان؛ فلا تشرق الشمس إلا واتذكر محياك الجميل, ولا تزقق الطيور, إلا وأخالني منصتا إلى صوتك الرخيم, ولا أشاهد الأزهار, إلا واتصورني أنشق عبيرك الفياح. نعم انك تتمثلين لي بسائر مشاهد الطبيعة, لأن رسمك ماليء فكري, وشبحك ماليء الفضاء.
عفوا يا سيبيل, إن كان حبي ينشيء لك آلاما, فإنني أسعى منذ الأن لإطفاء جذوته المحرقة, وإن كنت ترين السعادة لا تتفق مع حبك لي, فلماذا لا تنزعينه من قلبك وتستريحين من آلامه, وأمامك مجال الشباب الواسع كلما قطعت منه مرحلة نسيت مواقف العهد القديم.
لا تظني أنني أشقى إذا رأيتك سعيدة مع غيري يا سيبيل. أليست سعادتي مستمدة منك؟ فكيف أشقى متى رأيتك تبتسمين إبتسامة السرور؟ وكيف أحزن إذا رأيتك متمتعة بأحلام لا يجوز لغيرك أن يتمتع بها في هذا العالم؟ وإن كان يعوزك موتي لإكمال سعادتك, فهذه روحي بين يديك. ضعي لها حدا, فأموت شبعانا سعادة عند موطئ قدميك ولكن ... حسن أن يحب الإنسان, وأحسن من ذلك أن يكون محبوبا
ما أقصر الأيام التي نعمنا بها يا سيبيل! وما أطول فسحة هذا