للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن كلمت صدفة ودهاء لا تعبّران عن شيء موجودٍ في الحقيقة. وهذا هو السبب الذي يجعل تحديدهما متعذّراً فهما لا تدلاَّ على طريقة واحدة يستعان بها على إدراك حقائق الأمور. إني أجهل مثلاً سبب هذا الحادث , ويجري في وهمي أني أعجز عن فهمهِ , ومن جراء ذلك لا أعالج الوقوف على كنههِ , فأقول أن الصدفة هي التي أوجدتهُ إني أرى قوةً تنتج عملاً لا ينطبق على صفات البشر المألوفة , وحين تصعب عليَّ معرفة سبب تلك القوة , أقول إن هذا ضرب من ضروب الدهاء إن الخروف الذي يضعهُ الراعي كل مساءٍ في حظيرة خصوصية , ويقدم له طعاماً زائداً , يفوق من جراء ذلك رفاقهُ في السمن , ويبين لأولئك الرفاق أنَّ في أمرهِ شيئاً من الدهاء , على أن الحقيقة هي أن ذلك الخروف , بدلاً له فيها العلف. وحين يسمن ذلك الخروف , ينحر ويباع للجزار , فيؤثر ذلك الأمر في باقي الغنم , ويبين لها أنهُ نتيجة من نتائج الدهاء المقرون بسلسلة من سلاسل الصدف الغريبة ولو لم تعد الغنم تعتقد أن كل ما يجري يرمي بهِ إلى غايات تتعلق بها دون سواها , ولو زعمت الحوادث الطارئة تجري إلى غايات تجهل حقيقتها , لتجلت لها للحال وحدهٌ في العمل , وتعاقب منطقي في كل ما يطرأ على الخروف الذي يُسمّن إن الغنم وإن لم تكن تدرك الغاية من تسمينهِ , تدرك أنهُ لم يحدث

<<  <  ج: ص:  >  >>