لغُلّيمٍ منهم انطلق معهم. فاستردفه أحدُهم , ثم ساروا فليتهم عقاب كاسرةً أحد جناحيها. فاقشعرَّ الغلام وبكى. فقالوا مالك؟ فقال كسرت جناحياً , ورفعت جناحا , وحلفت بالله صراحاً , ما أنت بانسيٍّ ولا تبغي لقاحا وممن اشتهر بالعيافة من الأشخاص عبيدُ الراعي حدَّث المنقريُّ عن العتبيّ قال: وقف عبيد ذات يوم مع ركب من ثقيف على نفر وكانوا يريدون استقصاء رجل من تميم , إذ سنحت ظباء سود منكَّرة ثم اعترضت الركب مقصرة في حضرها , واقفة على شأنها , فأنكر ذلك عبيد الراعي ولم ينتبه إليهِ أصحابه فقال:
ألم تدرِ ما قال الظباء السوانحُ ... أطفنَ أمام الركب والركب رائحُ
فكبَّر من لم يعرف الزجر منهم ... وأيقن قلبي أنهنَّ نوائحُ
ثم شارفوا مقصدهم , فألفوا الرئيس قد نهشتهُ أفعى فأتت عليه. قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: وهذا من غريب الزجر. وذلك أن السانح مرجوٌّ عند العرب , والبارح هو المخوّف
, وأظن عبيداً إنما رجر الظباء في حالة رجوعها , ووصف الحال الأول في شعره كما أن من شرط الواصف أن يبدأ بهوادي الأسباب , فيوضح عنه فهذا هو وجه رجر عبيد الراعي في شعره أما السانح والبارح فقد اختلف أئمة اللغة في تعريفها. قيل السانح ما أتاك عن يمينك ظبي أو طائر أو غير ذلك , والبارح ما أتاك من ذلك عن يسارك وولاك جانبه الأيسر وهو انسيّه. والبارح ما جاء عن يسارك إلى يمنيك وولاك جانبه الأيمن وهو وحشيُّه وقيل. بل السانح ما مرَّ بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك , والبارح ما مرّ من يمنك إلى يسارك. ولا يخفى ما في كل ذلك من المناقصة. وكذلك قال بعضهم: السنُح الظباء الميامين. وقال البعض الآخر: السمُح الظباء المياشيم وأكثر العرب يتيمنون بالسانح , ويتشاءمون بالبارح. ومن ذلك المثل من