فبيني على طيرٍ سنيح نحوسهُ ... وأشأم طير الزاجرين سنيحها
قال ابن بري: أهل نجد يتمّنون بالسانح , ويتشاءمون بالبارح , والعكس من ذلك عند أهل الحجاز. فهذا هو الأصل ثم قد يستعمل النديّ لغة الحجازي , والحجازي لغة النجدي , أقول: والظاهر من كل ذكرناه في معنى السانح والبارح لغةً. فقد رأيتَ أن السانح عند قوم الظباء الميامين , وعند غيرهم الظباء المياشيم؛ فلذلك يتايمن هؤلاء بما تشاءم بهِ الآخرون فكانوا بذلك مواقفين لهم في الحقيقة , لأن الخلاف إنما هو في الاِسم في المسمَّى قلنا إن أصل العيافة هو اعتقادهم باليمن والشؤم وإن اليمين عندهم خير , والشمال شرّ. أما تفضيلهم اليمين على الشمال , فقد جاروا فيهِ الطبيعة التي جعلت الأعضاء اليمنى من جسم الإنسان أقدر من اليسرى وأقوى. وجاراهم في ذلك التفضيل جميع الشعوب. فكان المحل الأيمن أفضل المحلين؛ وبذلك قضى الله نفسهُ إذ جعل اليمينَ لأهل الجنَّة , والشمال لأل النار , وجعل لكل رجلٍ ملكاً عن يمينهِ , وشيطاناً عن شماله. وقد جاء في صحيح البخاري أن النبيّ كان يحب التيمن ما استطاع في شأنهِ كله في طهوره وترجله وتنعلهِ وأما الطارق فهو الذي يتكهن بواسطة الطرْق بالحصى , وذلك أن يخطَّ في الأرض أو الرمل خطوطاً بإصبعين , ثم بإصبع , ويقول: ابني عيَان أسرعا البيان ثم ينبئ عما سئل عنهُ. وربما يكون النداء لابني عيان في العيافة أيضاً وفي غيرها من ضروب الكهانة. وأكثر كهان الطرق من النساء. قال لبيد:
لعمركَ ما تدري الطوارقُ بالحصى ... ولا زاجرتُ الطير ما الله صانعُ
وقيل الطرقُ إن يخلط الكاهن القطن بالصوف فيتكهن. والظاهر أن الطرقَ في الأصل كان بالحصى , ثم توسع فيهِ بعضهم إلى القطن والصوف , بقي الاِسم على أصله. ومن أمثال