وأخرجها من دائرة المعقولات وأدخلها في دائرة الفلسفة الرياضية إذ شرحها شرحاً رياضياً , وأسندها إلى قواعد علمية رأسها القاعدة التي تستند إليها جميع العلوم الطبيعية , وهي أن لا شيء يموت بكل معنى الكلمة , ولا شيء يحيا , بل أن الموت كالحياة ليس إلا تقلب المادة من حال إلى حال بحكم النواميس الأبدية التي تديرها , وأنهُ لا بداية للكون ولا نهاية له , بل أن حركة نراها أن هي إلاَّ نتيجة حركة أخرى سبقت وهي تابعة لحركة أو لحركات تقدمتها. وفي العلوم الوضعية أن كلَّ ما في الكون حركات متتابعة متوالية , وأن كل حركة فسيولوجية تعقبها فينا نتيجة بسيكولوجية أو فسيولوجية. فالهضم مثلاً نتيجة الأكل , والغذاء نتيجة الدورة الدموية , والفكر نتيجة انتظام الدماغ. فلو لم تنتظم الدورة
الدموية في أجسام روجربايكن والبرت كريسي وشورتز ما عرفت أوروبا البارود ولا قُتل بهِ الوف الجنود وملايين المحاربين. ولو لم تنتظم حركة القلب عند مخترع التلغراف اللاسلكي لما خلصت الباخرة كرباثيا النفوس التي انتشلتها من الباخرة تيتانيك كما أنه لو أصاب مخترعي السفن مرض ما , لما سارت السفن في البحار ولا غرقت الملايين فيها. وقس على ذلك. لاشيء يستطيع الخروج من دائرة النظام العلمي وهذا النظام هو قدر الأقدمين الفلسفي بعينه
أجل إن النواميس تظل ثابتة لاتتغير. الأجرام الكبيرة تسقط