وأقولُ ليتَ أحبتي عانيتهم ... قبل الممات ولو بيومٍ واحدِ
ولا أنسى ما يقول أبو الحسن الوزير:
ذكرتُ سُليمى وحرُّ الوغى=بقلبيَ ساعةَ فارقتها
وشاكل سمرُّ القنا قدَّها ... وقد ملنَ نجوي فعاقتها
قلتُ حسن ولكنك تبدَّلت الوزن وغيَّرت المطلع. فقال إذاً اسمع للحلّي:
ولقد ذكرنكِ والعجاجُ كأنهُ ... مطلُ الغنيّ وسوءُ عيش المعسرِ
فظننتُ أني في صباحٍ مسفرِ ... من ضوء وجهك أو سناءِ مقمرِ
قلتُ جيّد وأطرقتُ بقدر ما تقرأ وقلت:
ولقد ذكرتكٍ عند آخر نظرة ... مني لقومي والحِمامُ مهدّدي
فبكى الجميعُ وكنتُ أبسم بينهم ... أملاً بأنكِ حولَ نعشي في الغدِ
فارتجف المصري وتدارك دمعتين جالتا في حدقتيهِ وقال: بربك البيتين فأعدتهما له فاستظهرهما قائلاً: سأردّدهما مدى العمر. قلت: ولو انفق لي حضور ذلك المجلس لختمت مذاكرة الأديبين ببيتٍ فردِ ينسيهما ما تناشداه , وهو لشاعر ظريف ذكر محبوبته في موقف لم يقفه عنترة بن عبس ولا أقرانه الشعراء , فقد دهمه القطار الحديدي الإكسبرس وهو على صهوة برذون حرون فأيقن بالهلاك فهاجته الذكرى , فأنشأ يقول من فؤاد متبول:
ولقد ذكرتكِ والحمارُ معاندي ... فوق الشريطِ وقد أتى الوابورُ. . .!