صدرها. فاحمرت حنقاً، ثم اصفرت كمداً، ثم اسودت حتى أصبحت كالجنة، وألحدت وراء الصخور.
طر يا حبيبي المحجل، تنحي يا عقبان، وأفسحي مجالاً يا عمائم. .!
وبعد ذلك سرحت الطرف في كل أنحاء الأفق كأنني الشمس، فلم أر حولي أحداً.
فالطبيعة هنا رافدة لم يوقظها الإنسان قط من سباتها، والعناصر مستكنة حولي أشبه بحيوانات جزيرة دخلها الإنسان لأول مرة فلا تخاف منظره. . .
يا الله! أنا لست وحدي هنا. .! أرى هناك جماعة عند منفرج الرمال. أمسافرون هم. أم لصوص يترصدون المسافرين؟ ما أشد بياض هؤلاء الفرسان. وما أروع بياض مطاياهم. .! أسرعت نحوهم فلم يتحركوا، وناديتهم فلم يجيبوا. يا الله! إن هم إلا جثث. هذه قافلة كنست الريح الرمل عنها فتبدت هياكل عربان على عظام جمال. وكان الرمل يتساقط من ثقوب كانت عيوناً في هذه الأجسام وكأني به يتهددني هامساً:
إلى أين يجري هذا الأحمق؟ فما قليل تلاقيه العواصف.
ولكني مازلت أجد في السير. . . تنحي يا جثث الموتى، ويا زوابع أفسحي لي مجالاً. .!
وكانت زوبعة من أشد الزوابع التي تهز الأصقاع الأفريقية تتمشى منفردة على أوقيانس الرمال. فرأتني عن بعد، فدهشت ووقف. والتفت على نفسها قائلة: